للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتوضِّىء أنّ هناك من يصلِّي ومن (١) أين يظنّه، والمُصَلِّي يلزمه أنّ يكون بصره بين يَدَيْه، على ما قاله كثير من العلماء، فذلك أجمع لخُشُوعِهِ وأضمّ لنشر خَاطِرِه.

الثّاني: أنّ الله تعالى لم يَتَعَبَّدنا إلَّا بما نرى ونسمع، وهذا بَيِّنٌ عند العلماء (٢).

قال الإمام: والصّحيح عندي انّ التّعليل إنّما هو لحُرْمَةِ القِبْلَةِ، والدّليل على ما نقوله خمسة أوجه (٣):

أحدها: أنّه ذكرها بلفظها، وأضافَ الاحترام إليها (٤).

الثّالث: لِمَا رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في حُرمَةِ القِبْلَةِ؛ أنّه قال: "مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قبالة القِبْلَةِ فتذكَّر وانحرف (٥) عنها إجلالًا لها، لم يقم من مَجْلِسِهِ حتّى يغفر له". أخرجه البزّار في مصنِّفه (٦).

الرّابع: أنّ ظاهر الأحاديث يقتضي أنّ الحُرْمَة للقِبْلَةِ، لقوله (٧): "لا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ" فَذَكَرَهَا بلَفْظِهَا.

الخامس: "كنا ننحَرِف ونسْتَغْفِرُ اللهَ" (٨) يحتمل ثلاثة أَوْجُهٍ (٩):

الأوّل: أنّ يستغفرَ من الاستقبال.

الثاني: أنّ يستغفرَ اللهَ من ذَنْبِه، فالذَّنْبُ يُذْكَر بالذَّنْب.

الثّالث: أنّ يستغفرَ الله (١٠)، فإنَّ الاستغفار للمُذْنِبِينَ سُنَّة.


(١) في القبس: "أو من".
(٢) في القبس: "التآمُّل".
(٣) انظرها في عارضة الأحوذي: ١/ ٢٤ - ٢٥.
(٤) لم يذكر المؤلِّف الوجه الثّاني، وهو في العارضة: "أنّه إخبار عن مغيب فلا يثبت إلَّا عن الشارع".
(٥) في المصادر الحديثية: "فذكر فتحرّف" وهو أسدّ.
(٦) كذا في العارضة عزاه إلى البزّار، ولم نجده في مسنده، والحديث أخرجه الطّبريّ في تهذيب الآثار من طريق عمرو بن جميع، عن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ... الحديث، نصّ على ذلك الزّيلعي في نصب الراية: ٢/ ١٠٣، وابن حجر في الدِّراية: ١/ ١٨٨.
(٧) في حديث التّرمذيّ (٩).
(٨) أخرجه البخاريّ (٣٩٤) من حديث أبي أيوب.
(٩) انظرها في العارضة: ١/ ٢٥.
(١٠) في العارضة: "يستغفر الله لمن بناها".

<<  <  ج: ص:  >  >>