للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح (١):

قال الإمام (٢): وقولُ من لم يُوجِب السُّجود في ذلك أَسَدُّ (٣)، بدليل هذا الحديث؛ لأنّه لما كان السِّرُّ والجَهرُ من سُنَنِ الصّلاة، وكان -عليه السّلام- قد جَهَرَ في بعض صلاة السِّرَّ ولم يسجد لذلك، كان كذلك حُكم الصّلاة إذا جَهَر فيها؛ لأنّه لو اختلف الحُكمُ في ذلك لبَيَّنَهُ -عليه السّلام-. ووجب بالدّليل الصّحيح أنّ يكون إذا أَسَرَّ فيما يجهر فيه أيضًا لا يلزمه سجود، والسرُّ (٤) والجَهْرُ في المعنى سواء، ولا وجه لتفريق الكوفيَّين بين حكم الإمام والمُنْفَرِد في ذلك، إذ لا حَجَّةَ لهم فيه من كتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا نَظَرٍ.

تكملة:

والَّذي يتحصّلُ في هذا الباب من مذهب مالك قولان:

أحدهما: قال ابنُ القاسم: إنه من جهر فيما يسرّ فيه أنَّه لا سجودَ عليه إذا كان يسيرًا.

القولُ الثّاني: ما رُوِيَ عن مالكٌ أنَّه إذا جَهَرَ الفَذُّ فيما يسرُّ فيه جَهْرًا خفيفًا، فلا بأس به.

قدْرُ القراءة في صلاة العصر

فيه (٥) حديث خَبَّاب وأبي قتادة المتقدِّم؛ أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الظُّهر والعصر. وقال أبو العالية: العصرُ على النِّصف من قراءة الظُّهر (٦). وقال إبراهيم: يُضَاعفُ الظُّهر على العصر أربع مرَّات. قال الحسن البصري: القراءة في الظّهر والعصر سواء. وقال حَمّاد: القرَاءةُ في الظُّهرِ والعصرِ سواء.

قال الإمام: والصّحيحُ من هذه الأقوال والآثار؛ أنّ تكون صلاة العصر أقصر من قراءة الظُّهر، لِمَا في ذلك من الآثار الّتي يَطُولُ بِذِكْرِها الكتاب.


(١) هذا الترجيح مقتش من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٣٧٨.
(٢) الكلام موصول للأمام أبي الحسين بن بطّال.
(٣) في شرح ابن بطّال: "أشبه بدليل".
(٤) في شرح ابن بطّال؟ "إِذ السِّرُّ".
(٥) هذه الفقرة مقتبسهْ من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٣٧٨.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>