للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرعٌ (١):

وأمّا إذا اشترك العامد والمخطئ، فقد قال ابن القاسم: لا يُقتَلُ العامدُ إذا شاركه المخطئ؛ لأنّه لا يُدرَى من قَتَلَه.

وقال أشهب في "المجموعة": لو أنّ قومًا في قتال العدوِّ قَتَلُوا مسلمًا، منهم مَنْ ظَنَّهُ من العدوِّ، ومنهم من تَعَمَّدَهُ لعداوةٍ، قُتِلَ المتعَمِّد وعلى الآخرين نصيبهم من الدِّية.

الفصل الثّاني في معنى الغيلة

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي رضي الله عنه (٢):

أدخل مالك - رحمه الله - في هذا الباب (٣) قتلَ الغِيلَةِ، وهي من الحِرَابَةِ، والحِرابَةُ عندنا تكون في الحَضَرِ كما تكون في الفيافي، وتكونُ بالسَّيْف، وتكونُ بالعَصَا. فإذا كانت بالعصا لا يُؤخَذُ فيها بالْيُسْرِ؛ ذلك لأنّ المقصودَ من السَّلب والقتل واحدٌ، والعصا كالسَّيف عند مالكٍ في العَمْدِ ووُجوبِ القِصَاصِ، وزادَت العصا بأنّها أعظمُ في الخديعة؛ لأنّه إذا مَشَى بالسّيف استُنْكِرَ، وتشوَّفَتِ النَّفسُ إلى التَّحَفُّظِ منه، وكان أمرُ العصا في الخديعةِ أبلَغَ، وفي الغِيلَةِ أَدْخَلَ، فينبغي أنّ تكونَ في العقوبةِ أعْظَمَ. ألَّا ترى أنّه يُؤخَذُ فيه مئةٌ بواحدٍ، وكذلك يُؤخَذُ فيه بالعَصَا والسّيفِ بالقتلِ بلا خلافٍ؟ ولَمَّا لم يَتَعَرَّض للحِرابةِ لم يتعرُّض لها.


(١) هذا الفرع مقتبس من المنتقى: ٧/ ١١٦.
(٢) انظر هذه الفقرة في القبس: ٣/ ١٠٠٢.
(٣) أي باب ما جاء في الغيلة والسِّحر من الموطَّأ: ٢/ ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>