للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب ماجاءَ في صَبْغِ الشَّعَرِ

قال الإمام: ليس في هذا الباب حديث مُسْنَدٌ ولا مُرْسَلٌ غير ما استدلّ به من خبر عبد الرّحمن بْنِ الأسودِ بن عبد يَغُوثَ (١).

الفوائد اثنان:

الفائدة الأولى (٢):

قوله: "إنَّ عبد الرّحمن بن الأسود كَانَ أبيَضَ الرَّأسِ واللِّحيَةِ" يريدُ من الشَّيبِ.

الثّانية (٣):

قوله: " فَغَدَا عَلَيهم وَقد حَمَّرَهُما" يريد خضَّبَهُما بالحُمرة، فاستحسنَ القومُ ذلك منه وفَضَّلوهُ على البياض، فاعلمهُم عبد الرّحمن أنّ عائشة زَوجَ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -أَقسَمَت عليه لَيَصبِغَنَّ، وأخبرتهُ أنّ أبا بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه كان يَصبُغُ (٤)؛ وذلك أنّه رُويَ عن أبي بكير أنّه خضَب بالحِنَّاءِ والكَتَمِ (٥)، وكذلك رُويَ عن عثمان بن عفان، وأنس بن مالك وجماعة. وهذا يدلُّ على أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لم يَخضبِ، ولو خَضَبَ كان تعلّقها بِفِعلِهِ أَبيَن وأوضح من تَعلِّقها بفعل أَبِيها. وقد قال مالك في غير "الموطَّأ": لم يصبغ رسول الله، ولا عمر، ولا عليُّ بن أبي طالب، ولا أبيُّ بن كَعْبٍ، ولا السّائب (٦)، ولا سعيد بن المسيَّب، ولا ابن شهاب (٧).

قال الإمام: وقد تعارضت الَاثارُ هنا، ورُويَ عن عثمانَ بن مَوهَبٍ قال: رأيت شَعَرَ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - أَخرَجَتهُ إِليَّ أمّ سَلَمَة مخضوبًا بالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ (٨).


(١) الموطَّأ (٢٧٣٣) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٩٦).
(٢) هذه الفائدةُ مقتبسة عن المنتقى: ٧/ ٢٧٠.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٧٠.
(٤) في الموطَّأ (٢٧٣٣) رواية يحيي.
(٥) أخرجه البخاريّ (٥٨٩٤)، ومسلم (٢٣٤١) من حديث أنس.
(٦) هو السائب بن يزيد.
(٧) قال مالك في العتبية: ١٨/ ٢٨٦ "ما علمتُ أحدًا ممّن مضَى كان يصبغ به [أي بالسَّواد] ".
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٠٠٩)، وأحمد: ٦/ ٢٩٦، ٣١٩، ٣٢٢، وابن ماجه (٣٩٢٣)، والبيهقي في الشعب (٦٤٠٠)، وأخرجه البخاريّ (٥٨٩٦) بدون لفظي "الحناء والكتم".

<<  <  ج: ص:  >  >>