للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمعُ بين الصَّلاتين فيى الحَضَر والسَّفَر

الإسناد (١):

الحديثُ صحيحٌ، مُتَّفَقٌ عليه (٢)، خَرَّجَهُ الأيمّة (٣)، وكلُّهم قال: كان ذلك في غزوة تَبُوك.

الأصول:

قوله: في هذا الحديث: "كَانَ يَجمَعُ بَينَ الظُّهرِ وَالعَصْرِ" إنّما ذلك على وجه الرَّفْقِ بالمصلِّي (٤)، وذلك أنّ الله تبارك وتعالى نصب أوقات الصّلوات وَقْتًا يختصُّ بها ثمّ لمّا عَلِمَ من ضَعْفِ العباد وقِلَّة قدرتهم على الاستمرار في الاعتياد (٥)، وما يطرأ عليهم من الأعذار الّتي لا يمكلنهم دفعها عن أنفسهم، أرخصَ لهم في نقل صلاة إلى صلاة (٦)، وجمع المفترق منها، كما أذِنَ في تفريق الجمع أيضًا، رخصةً في قضاء رمضان إذا أفطَرَهُ لعُذرِ المرض والسَّفَر، وقد (٧) ثبت عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - ذلك.

وأطنب فيه مالكٌ، لأجلِ قول أبي حنيفة في أهل العراق (٨): إنّ الجمع بدعةٌ، وبابٌ من أبواب الكبائر؛ لأنّ فيه إخراج الصّلوات عن أوقاتها، تعلُّقًا بحديث ابنِ عبّاس


(١) كلام المؤلِّف في هذا الموضع هو عن إسناد حديث الموطَّأ (٣٨٢) رواية يحيى، عن مالك، عن داود بن الحُصن، عن الأَعْرَج؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمعُ بين الظُّهر والعصر في سَفَرِهِ إلى تبوك. يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٦/ ١٠ "هكذا رواه أكثر الرّواة عن مالك مرسلًا" ويقول ابن عبد البر في التمهيد: ٢/ ٣٣٧ "مُرْسَلٌ من وجه، متَّصِلٌ من وجه صحيح".
(٢) لا يقصد المؤلِّف بكلمة "الاتفاق" التعبير الاصطلاحي أي اتفق على إخراجه البخاريّ ومسلم، ولكن يقصد أنّه متَّفَقٌ على اتِّصالِ سَنَدِهِ.
(٣) مثل أبي بكر بن المقرئ في المنتخب من غرائب أحاديث مالكٌ (٢٦) والجوهري في مسند الموطّأ (٣٢٦) وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٣٣٧ - ٣٣٩، وانظر كتاب الإيماء للدّاني: ٣/ ٤٢٠.
(٤) الشرح السابق مقتبس من المنتقى: ١/ ٢٥٢ انظر ما بعده في القبس: ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٥) في النُّسَخ: "الاعتماد" والمثبت من القبس.
(٦) "إلى صلاة" زيادة من القبس.
(٧) في النُّسَخِ: "قد" والمثبت من القبس.
(٨) انظر مختصر الطحاوي: ٢٣، ٢٤، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>