الوقوف على مصادر ابن العربيّ في "المسالك" أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر؛ فقد عانينا فيه صَعَدًا، وكلفنا خُطة شديدة، فلطالما قرأنا الكتاب مرَّات ومرَّات، واستصحبنا مصادرهُ الَّتي صرُّح بها، وأصُول مادَّته العلمية الَّتي وثقها، إلَّا أننا وقفنا عاجزين أمام كثير من النُّصوص، هل هي من بنات فكره وحرِّ لفظه، أم هي مقتبسة من غيره؟ ونعتقدُ أن الوعي بهذه المسألة قادنا إلى محاولة معرفة كيف يقرأ ابن العربيّ كتب من تقدَّمه؟ وإلى أيِّ مدى كان يعيش في أفكارها ومسائلها؛ ثم أيّ الكتب كان حضور ساطع في نفسه وهو يُملي عِلْمه على طَلَبَتِه ومُرِيدِيه؟ وما هي المصادر الَّتي تُمثِّلُ الفكر الُّذي قدح عقل هذا العالِم فاستفاض علمه؟ إنَّه ليس باستطاعتنا في هذا الدخل أن نُجيبَ عن هذه التّساؤلات الهامَّة والمشروعة في ذات الوقت، ولكن حسبُنا في هذا المبحث الآن أنّنا سندُلُّ القارئ على المصادر الَّتي صرَّح بها الْمُؤلِّف في ثنايا بحثه، وكذلك بعض المصادر الَّتي أغفلها واستطعنا تحديد بعض الواضع المنقولة منها، وبصَنِيعِنا هذا لم نحاول أن نضع ابن العربيّ في غير موضعه، أو نرتفع به على من سبقوه، فإنَّ من آفات البحث العلمي العصبيّة الطائشة للكتاب المدروس ولصاحبه، ومحاولة نسبة كل إبدل وفكر جديد له خاصّة دون غيره, وهذا مخالف للحقيقة، مجانبٌ للصّواب، فقد جاء ابنُ العربيّ وقد استوت العلوم الإِسلامية