للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه -: والخبيثُ في اللُّغة عبارةٌ عن كلِّ ما يُؤلِمُ الحاسَّةَ من الشَّمِّ والذَّوقِ، وُيستَعَارُ في غير ذلكَ. فالخبيثُ في الشّريعةِ: عبارةٌ في الأطعمةِ عن المُحَرَّمِ، وهو معنى قولِه: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (١) يريد: يُحَرِّمُ عليهم المُحَرَّمَاتِ، أي يُبيِّنُها.

وقال غيرُ مالكٍ من العلماءِ: الخبائثُ ههنا كلُّ مُستَكرَهٍ، كما بيناه في "كتاب الأحكام" (٢)، فهذه فائدةُ لُغَوِيَّةٌ شرعيّةٌ.

المَأخَذُ الرّابعُ في سَردِ المسائلِ في هذا البابِ

وفيه ثمان مسائل:

المسألة الأولى:

رَوَى ابنُ وَهْب عن مالكٍ أنّه قال: من أكلَ الثُّومَ يومَ الجُمعةِ لا أَرَى له أنّ يشهَدَ الجُمعةَ في المسجدِ ولا في رِحَابِهِ (٣)، وبِئْسَ ما صَنَعَ حينَ أكلَ الثُّومَ وهو من أهلِ الجُمعةِ (٤).

المسألة الثانية (٥):

قال علماؤنا (٦): فيه دليلٌ على أنّ كلّ ما يُتَأَذَّى به كالمَجذُومِ وشِبْهِهِ يُبْعَدُ عن المسجدِ وحِلَقِ الذِّكرِ.

وقال سُحنون: "لا أَرَى الجمعةَ تجبُ على المَجذُومِ" واحتجَّ بقوله عليه السّلام:"مَنْ أَكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ".


(١) الأعراف: ١٥٧.
(٢) ١/ ٢٣٦، وانظر الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٣٠٠.
(٣) إلى هنا ذكره الباجي في المنتقى: ١/ ٣٢ ونصّ على أنّه روي في المبسوط من قول ابن وهب. وانظر العتبية: ١/ ٥٢٧.
(٤) قوله: وبئس ما صنع ... إلخ، ذكره ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ١٥٤ (ط. القاهرة).
(٥) هذه المسألة مقتبسة من شرح البخاري لابن بطّال: ٢/ ٤٦٦.
(٦) المقصود هو الإمام ابن بطّال.

<<  <  ج: ص:  >  >>