للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَجرِ خَيْرٌ منَ الدُّنيَا وما فيها".

قال الإمام: هذا حديث صحيح بلا خلافٍ، ومن ألفاظه في الصّحيح: "أَحَبُّ إِليَّ من الدُّنيا وما فيها" (١).

وللعلماء في هذا الحديث أغراض حِسَانٌ وفوائد جَمَّة، وتهليلةٌ واحدةٌ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، هذا بينهم أَمْرٌ متَّفَقٌ، إنّه لا خلاف في ذلك، فكيف بركعتي الفجر؟

والفائدة الثّانية فيه (٢): التّفضيلُ بين الدُّنيا والآخرة، وإن كان لا نسبة بينهما، إلَّا على أنّهما داران ومنزلان وحالتان، إحداهما أفضل من الأخرى، وأهنأ وأبلغ في القُدْرَةِ، مع عدم الآفات والهموم.

فإن قيل: إنّ ذلك خرج على مذهب من يرى أنّه لا دار إلَّا الدُّنيا, ولا وجودَ سواها.

فقيل لهم: لو علمتم تلك الدّار، لحكمتم أنّها أفضل لا محالةَ، لما أَخْبَرنَا به الصّادق المختار.

فضلُ صلاةِ الجماعةِ على صلاةِ الفَذِّ

قال الإمام الحافظ: أدخلَ مالك - رحمه الله - في هذا الباب أربعة أحاديث:

١ - الحديث الأوّل: حديث عبد الله بن عمر (٣)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الجماعةِ تَفْضُلُ مِنْ صلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً".

٢ - وحديث أبي هريرة (٤)، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "صَلاَةُ الجماعةِ أفضلُ من صلاةِ أَحَدِكُمْ بِخَمْسةٍ وَعِشرِينَ جُزْءًا".

الإسناد:

قال الإمام: هذه الأحاديث صِحَاحٌ حِسَانٌ، خَرَّجَهُمَا الأيمَّة (٥)، وأجمعت عليها الأُمَّة.


(١) أخرجه مسلم (٧٢٥) من حديث عائشة.
(٢) انظرها في عارضة الأحوذي: ٢/ ٢١٣.
(٣) في الموطَّأ (٣٤١) رواية يحيي.
(٤) في الموطَّأ (٣٤٢) رواية يحيى.
(٥) فالحديث الأوّل: أخرجه البخاريّ (٦٤٥)، ومسلم (٦٥٠)، والحديث الثّاني أخرجه أيضا البخاريّ (٦٤٨)، ومسلم (٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>