للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ: ما جاء في السَّعْيِ يوم الجمعة

قال الإمام: صدَّر مالكٌ -رحمه الله- في هذا الباب (١) بالآية الّتي سُئِلَ عنها ابن شهاب (٢)، وفيها تسع مسائل:

المسألة الأولى (٣): في قوله: {إِذَا نُودِيَ}

النِّداءُ هو الأَذَانُ، وقد كان الأذَانُ على عهد رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - في الجمعة كما في سائر الصلوات، يؤذِّن (٤) واحد إذا جلس النّبي - صلّى الله عليه وسلم - على المنبر، وكذلك كان يفعل عمر وعلىّ بالكوفة. ثمّ إنّ عثمان زاد أذَانًا ثانيًا على الزَّوْرَاء حين كَثُرَ النَّاسُ بالمدينة، فإذا سمعوه أقبلوا، حتّى إذا جلس عثمان على المِنْبَرِ، أذَّنَ مؤذِّن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ثمّ يخطُبُ عثمان.

وفي الحديث الصّحيح (٥)؛ أنّ الأذان كان على عهد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - واحدًا، فلمّا كان زَمَنُ عثمان، زاد النداء الثّاني (٦) على الزَّوراء حين كَثُرَ النّاسُ بالمدينة، فإذا سمعوا (٧) أقبلوا، حتّى إذا جلسَ عثمان على المِنْبَرِ، أَذَّنَ مؤذِّنُ النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ثمّ يخطُب عثمان، وسمّاه أهلُ الحديث ثالثًا؛ لأنّه أَضافهُ إلى الإقامة، فجعله ثالثًا، كما قال عليه السّلام: "بينَ كلِّ أذانَيْنِ صلاةٌ لمَنْ شاءَ" (٨) يعني: الأذانُ والإقامةُ؛ فتوهَّمَ النّاسُ أنّه أذان ثَالثٌ (٩)، فجَعَلُوا المؤذِّنين ثلاثة، فكان وَهْمًا، ثم جمعوهم في وقتٍ واحدٍ، فكان وَهْمًا على وَهمٍ، ورأيتهم بمدينة السّلام (١٠) يؤذِّنون بعد أذان المنار بين يدي الإمام تحت المِنْبَر في جماعة، كما كان يُفْعَلُ عندنا في الدُّوَل الماضية؛ وكلُّ ذلك مُحْدَثٌ.

المسألة الثّانية (١١): قوله {لِلصَّلَاةِ}.


(١) من الموطَّأ (٢٨٥) رواية يحيى.
(٢) وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الجمعة: ٩.
(٣) انظرها في أحكام القرآن: ٤/ ١٨٠٣ - ١٨٠٤.
(٤) ويمكن أنّ تقرأ: "مؤذن".
(٥) يقصد البخاريّ (٩١٢ - ٩١٣، ٩١٥ - ٩١٦).
(٦) في أحكام القرآن: "الثّالث" وهي سديدة أيضا.
(٧) م: "سمعوه".
(٨) أخرجه البخاريّ (٦٢٧)، ومسلم (٨٣٨) من حديث عبد الله بن مُغَفَّل المُزَنِيِّ.
(٩) في أحكام القرآن: "أذان أصليّ".
(١٠) أي ببغداد فكَّ الله أسرها -.
(١١) انظرها في أحكام القرآن: ٤/ ١٨٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>