للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه القول فيه: أنّ الفساد في العَقْدِ لا في العرضِ (١)

المسألة التّاسعة:

إذا ثبت هذا، فالسَّعيُ إلى الجمعة يجبُ على من كان على ثلاثة أميال من المدينة، لوجهين:

أحدهما (٢): أنّ أهل العَوَالِي كانوا يأتونَها في عَهدِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، والعادة أنّ يسمع النِّداء من رَجُلٍ صَيِّتٍ من ثلاثة أميال وما قرب منها، وهذا هو الصّحيح (٣)، وما قيل فيه من الأقوال لا يصحّ منها شيءٌ.

ما جاء في الإمام يّنْزِلُ بِقَرْيَةٍ يومَ الجمعة

فيه مسائل:

المسألة الأولى (٤):

١ - قوله (٥): "إِذَا نَزَلَ الإمَامُ بِقَرْيَةٍ" هذا كما قال؛ لأنّ شروط الجمعة قد وجدت، والإمام وإن كان مسافرًا فإنّ وَالِيه النّائب عنه مستوطنٌ تجِبُ عليه الجمعة، فإذا كانتِ الجمعةُ تجبُ بحقِّ النِّيابة عن الإمام، وجبت أيضًا على الإمام الّذي ينوب عنه الوالي. والفرقُ بين الجمعةِ والقَصْر، أنّ من كان فَرْضه الإتمام أَتَمَّ (٦) وراء من يقصر، ومن كان فرضه في الجمعة أنّ يصلِّي أربعًا لم يجز له أنّ يصلِّيها وراءَ من يصلِّي الجمعة.

والمستحبُّ عند علمائنا؛ أنّ يصلِّي بهم الإمامُ دون الوَالي؛ لأنّ القرية المجتمع بها من عمله ونظره، وإنّما ينوبُ الوالي عنه مع غيبته، فهذا حضر كان أحق بالصّلاة.


(١) هذا الوجه أورده الباجي في المنتقى من كلام ابن عبدوس في احتجاجه لقول المغيرة أنّه يمضي بالثّمن ولا يرده.
(٢) لم يذكر المؤلِّف الوجه الثّاني، وكذلك فعل في الأحكام: ٤/ ٨٠٦.
(٣) الغريب أنّ المؤلِّف قال في العارضة: ٢/ ٢٨٩ "واحتج العراقيون من علمائنا؛ أنّ النِّداء الصّيت يسمع مع الهدوء من ثلاثة أميال، "وهذه دعوى" وانظر أحكام القرآن: ٤/ ٦٠٨١، والمنتقى: ١/ ٥٩١.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٩٦.
(٥) أي قول مالكٌ في الموطَّأ (٢٨٧) رواية يحيى.
(٦) في النُّسَخ زيادة: "ولم يصلي" وحذفناها بناء على ما في المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>