للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّنْفُ الثّاني (١)

قوله: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (٢)

قيل: هم السُّعاةُ في طَلَبِها وتحصيلها، ويُوَكَّلْون على جَمْعِهَا.

قال الإمام: وهذا يدلُّ على مسألةٍ بديعةِ، وهي أنَّ ما كان من فُروضِ الكِفَايَاتِ، فالقائمُ به يجوزُ له أخذ الأُجْرَةِ عليه، ومِنْ ذلك الإمامة؛ فإنَّ الصَّلاةَ وإن كانت متوَجِّهَة على جميع الخَلْقِ، فإن تقدُّدَّ بعضهم بهم من فُروضِ الكفاية، فلا جرم بجواز أَخْذِ الأُجرة عليها، وإليه الإشارة في الحديث الصّحيح: "ما تركتُ بعد نفقة عِيَالِي ومَؤُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ" (٣).

الصِّنف الثّالث (٤)

قوله: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}

قال علماؤنا: ليس على وجه الأرض منهم اليوم أحدٌ، قاله جماعة، وأخذ به مالك.

ومنهم من قال: هم باقون؛ لأنّ الإمام ربّما احتاجَ إلى من يتألَّف (٥) على الإسلام، وقد قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدِّين.

والّذي عندي أنّه إنْ قَوِيَ الإِسلامُ زالوا (٦)، وإن احْتِيجَ إليهم أُعْطُوا سَهْمهم كما كان يُعْطِيه رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّه قد رُوِيَ في الصّحيح أنّه قال: "بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَما بَدَأَ" (٧).

فإذا قلنا بزوالهم، فإنّ سَهْمَهُم يعودُ إلى سائر الأصناف الثّمانية مَحَلًّا لا


(١) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٩٦١.
(٢) التوبة: ٦٠.
(٣) أخرجه البخاريّ (٢٧٧٦، ٣٠٩٦)، ومسلم (١٧٦٠) من حديث أبي هريرة.
(٤) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٩٦٦ - ٩٦٧.
(٥) في الأحكام: (يستألف).
(٦) غ، جـ: "سقط" والمثبت من الأحكام.
(٧) أخرجه مسلم (١٤٥) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>