للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ اللهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ. وَمَنِ استَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُم يَفِرُّون مِنهُ صُبَّ فِي أُذُنَيهِ الآنُكُ (١) يَومَ القِيَامَةِ" حديث حسنٌ صحيحٌ.

الأصول (٢):

أمّا الوعيدُ على المصوِّرينَ، فهو كالوعيدِ في أهل المعاصي، معلَّقٌ بالمشيئةِ كما بينّاه، موقوفٌ على التّوبةِ كما شرحناه. أمّا كيفية الحكم فيها؛ فإنّها محرّمةٌ إذا كانت أجسادًا بالإجماع، فإن كانت رقمًا، ففيها اربعة أقوالٍ:

الأوّل: أنّها جائزةٌ، لقوله في الحديث: "إِلَّا مَا كانَ رَقمًا في ثَوبٍ" (٣).

الثّاني: أنّه ممنوعٌ، لحديث عائشة: "دَخَلَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُستَتِرَةٌ بِقرَامِ فِيهِ صُورَةٌ، فَتَلَوَّنَ وجهُهُ، ثُمَّ تَنَاولَ السِّترَ فَهَتَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَشَدٌ النَّاسِ عَذَابًا المُصَوِّرُونَ" (٤).

الثّالث: أنّه إذا كانت صورة متّصلة الهيئة قائمة الشّكل منع، فإن هُتِكَ وقطع وتفرّقت أجزاؤه، جاز، للحديث المتقَدِّم، قالت فيه: "فَجعَلَ مِنهُ وِسَادَتَينِ كَانَ يَرتَفِقُ بِهِمَا" (٥).

الرّابع: أنّه إذا كان ممتَهَنًا جازَ، وان كان مُعَلَّقًا لم يَجُزْ.

والثّالث أصحُّ، والله أعلم.

ماجاء في أكل الضَّبٌ

قال الإمام: الأحاديث في هذا الباب صحاحٌ حِسَانٌ، رواها جماعة. أصولهم (٦):


(١) هو الرّصاص.
(٢) انظره في العارضة: ٧/ ٢٥٣، وراجع -إنَّ شئت- أحكام القرآن: ٤/ ١٥٩٩ - ١٦٠٢، والعارضة: ١٠/ ٢٤٦ - ٢٥٠.
(٣) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٧٧٢) رواية يحيى، ونحوه في البخاريّ (٣٢٢٦)، ومسلم (٢١٠٦).
(٤) أخرجه البخاريّ (٦١٠٩)، ومسلم (٢١٠٧).
(٥) مسلم (٢١٠٧).
(٦) انظرهم في العارضة: ٧/ ٢٨٦ - ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>