للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا من جعلَ الإسفار تأخير الصّلاة عن أوّل وقتها، فمحجوجٌ بهذا الحديث، وحملُ الآثار على ما ينفي التضاد عنها أَوْلَى، وبالله سبحانه أستعين.

ذِكْرُ أوقات الصّلوات وتَحديدُ المَوَاقيتِ (١)

فأمَّا وقتُ الظّهرِ، فهو زوالُ الشّمسِ عن كَبد السّماء (٢). وآخر وقتها المستحبّ، أنّ يصيرَ ظِلُّ كلِّ شيءٍ مثله بعد الّذي زالت عليه الشّمس (٣).

وأوَّلُ وقتِ العصر، إذا صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله بعد ظلِّ الزّوال. وآخرُ وقتها المستحبّ، أنّ يصيرَ ظِلُّ كلِّ شيءِ مِثْلَيْه (٤).

وآخرُ وقت الظّهر والعصر للضّرورة، إلى غروبِ الشّمس (٥).

وأوَّلُ وقت المغرب، إذا غربتِ الشّمس (٦)، وقتٌ واحدٌ، لا يجوز تأخيرها إلَّا لعذرِ، مثل الجمع بين الصّلاتين للمسافر والمريض وفي المطر.

وقيل: إنَّه لا يجوز تأخير المغرب عن غروب الشّمس لشيء من هذه الأعذار، ويجمع بين الصّلاتين عند الغروب.


(١) كلامه في تحديد الأوقات مقتبس من المقدَّمات الممهدات: ١/ ١٤٨.
(٢) حكى ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ٣٨ (ط. القاهرة)، والتمهيد: ٨/ ٧٠، إجماع علماء المسلمين في كلِّ عصر وفي كلِّ مصر على هذا الوقت.
(٣) وهو قول مالك وأصحابه، كما نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في التمهيد: ٨/ ٧٣، وانظر الإشراف: ١/ ٥٧.
(٤) رواه عن مالك. بدون كلمة المستحبّ. عبد الله بن عبد الحكم، نصّ على ذلك صاحبا المنتقى: ١/ ١٤، والتمهيد: ٣/ ٢٧٧، إلّا أنّ ابن عبد البرّ علق عليه بقوله: "وهذا محمول عندنا على وقت الاختيار"، وانظر التفريع: ١/ ٢١٩، والإشراف: ١/ ٥٨.
(٥) ذكر ابن عبد البرّ في التمهيد: ٨/ ٧٨ أنّ ابن وهب وغيره رَوَوْا عن مالك؛ أنّ الظّهر والعصر آخر وقتهما غروب الشّمس، وهو قول ابن عباس وعكرمة مطلقًا. قال ابن عبد البرّ: "ورواية ابن وهب عن مالك لذلك محمولة عند أصحابه لأهل الضرورات، كالمغمى عليه ومن أشبه" وانظر الاستذكار: ١/ ٤١ (ط. القاهرة).
(٦) يقول المؤلِّف في العارضة: ١/ ٢٧٤ "لا خلاف بين الأُمّة أنّ وقت المغرب يدخل بسقوط القرص".

<<  <  ج: ص:  >  >>