للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحُجَّةُ في ذلك ما تقدَّمَ، أنّهم (١) إنّما عوهدوا على (٢) التِّجارة وتنمية أموالهم بآفاقهم الّتي يستوطنونها، فإذا طَلَبُوا التَّنمية بالتِّجارة إلى غير ذلك من الآفاق (٣)، كان ذلك عليهم حقٌّ غير الجِزْيَة الّتي صالحوا عليها، وهو الوجه الّذي فَعَلَهُ عمر.

المسألة الثّانية (٤):

فيه مسألة من مسائل "أصول الفقه" وهو فِعْلُهُ بحَضْرَةِ الصَّحابة ولم يخالفه أحدٌ في ذلك، فحصلَ الإجماع (٥)، وكما أجمعوا على صِحَّةِ هذا الحُكْم، كذلك أجمعوا على صِحَةِ تقدير ما يُؤْخَذ منهم بالعُشْر (٦).

باب اشتراءِ الصَّدَقَة والعَوْدِ فيها

مَالِك (٧)، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبيهِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ في سَبِيلِ اللهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ في صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِهِ". وذَكَرَ (٨) مثله عن نافع عن ابن عمر.

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ متَّفَقٌ على صِحَّتِهِ ومَتْنِهِ، خَرَّجَهُ الأيمّة


(١) "أنّهم" زيادة من المنتقى.
(٢) غ، جـ: "إنّما هو على" والمثبت من المنتمَى.
(٣) في المنتقى: "آفاق المسلمين".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٧٨ بتصرّف.
(٥) غ، جـ: "كالإجماع"، وفي المنتقى: "ثبت أنّه إجماع" ولعلّ الصواب الّذي يناسب السياق ما أثبتنا.
(٦) غ، جـ: "كالعشر" والمثبت من المنتقى.
(٧) في الموطّأ (٧٦٦) رواية يحيى.
(٨) أي الإمام مالكٌ في الموطّأ (٧٦٧) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>