للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب، ونقلته الكافّة عن النّبيِّ -عليه السّلام- من الصّلاة والزَّكاة والصّيام والحجّ، وسائر الفرائض.

وبعد هذا، فكلُّ عملٍ صالح فهو من فروع الإيمان، فبرُّ الوالدين، وأداءُ الأمانةِ من الإيمان، وحُسنُ العهد من الإيمان، وحُسنُ الجوار من الإيمان، وتوقيرُ الكبير من الإيمان، ورحمةُ الصّغير، حتّى إطعامُ الطّعام من الإيمان، وإفشاء السّلام من الإيمان.

فهذه الفروعُ منْ ترك شيئًا منها لم يكن ناقص الإيمان بتركها، كما يكون ناقصَ الإيمانِ بارتكاب الكبائر وتَركِ عملِ الفرائضِ، وإن كان مُقِرًّا بها.

والحياءُ مقيَّدٌ بالإيمان، يَردَعُهُ عن الكذِب والفجورِ والآثامِ، كما قال -عليه السّلام-: "الإيمانُ قَيَّدَ الفَتكَ، لا يَفتِكُ مُؤمِنٌ" (١) والفتكُ: القتلُ بعد الأمان، والغَدرُ بعد التّأمين.

فلمَّا صار الحياء والإيمان سبَبَيْنِ إلى فعل الخير، جُعِلَ الحياءُ شعبةً من الإيمان؛ لأنّه يمنعُهُ عن ارتكاب المعاصي، والله أعلمُ.

وتلخيصُ هذا يطولُ شَرْحُه وبيانُه، وهذا كلُّه يدلُّ على أنّ الإيمان قولٌ وعملٌ كما قال أهل العلم بالفقه والحديث، وقد بيَّنَّا معنى الإسلام والإيمان في أوّل الكتاب فليُنْظَر هنالك.

مَا جَاءَ في الغَضَبِ

مالك (٢)، عنِ ابنِ شهابٍ، عَنْ حُمَيدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيِّ عليه السّلام فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، عَلِّمنِي كَلمَاتٍ أَعِيشُ بِهنَّ وَلَا تُكثِر عَلَيَّ فَأَنْسَى. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا تَغْضَب".


(١) رواه ابن الجعد في مسنده (٣١٨٤)، وأحمد: ١/ ١٦٦، ١٦٧، من حديث ابن الزبير، والحاكم: ٤/ ٣٥٢، والطبراني في الكبير: ١٩/ ٣١٩ (٧٢٣) من حديث مروان بن الحكم. كما أخرجه أبو داود (٢٧٦٣) من حديث أبي هريرة، وانظر التمهيد: ٩/ ٢٥٦.
(٢) في الموطَّأ (٢٦٣٦) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>