للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاءُ في المياه

قال الإمام: أدخلَ مالكٌ (١) في هذا الباب حديث عَبْدِ اللهِ بن أَبِي بَكرٍ بن مُحَمّدِ بْنِ عَمرو بنِ حَزمٍ؛ أَنَّهُ بَلَغهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قالَ في سَيلٍ مَهزُورٍ وَمُذَينِبٍ: "يُمسِكُ حَتَّى الكَعبَينِ ثُمَّ يُرسِلُ الأعلى عَلَى الأَسفَلِ".

الإسناد (٢):

قال الإمام: الأصل في المياه وأحكامِها حديثُ الزُّبَير، وهو مُتًفَقٌ عليه من الأَيِمَّة والأُمّة (٣)، رُوِيَ أَنَّه خاصَمَهُ رَجُلٌ من الأنصار في شِرَاج الحَرَّةِ، فَتَرافَعَا إلى رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -، فقال له النّبيُّ -صلّى الله عليه وسلم-:" "اسقِ يَا زُبَيرُ وَأَرسِلِ إِلَى جَارِكَ" فقال الأنصاريّ: إنَّ كانَ ابن عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجهُ النّبيّ -عليه السّلام- ثمّ قال للزُّبَير: "أَمسِكِ المَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الجَدرَ، ثُمَّ أَرْسِلهُ" وفي ذلك نزلت الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية (٤)، وقد فات الإيمان للأنصاريّ بهذه الكلمة، ولكنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- سكت عنه؛ لأنّها كانت منه فلتَةً، وقد كان سَكَتَ عن المنافقين الّذين يُسِرُّون الكُفرَ، فإقالةُ العَثرَةِ أقل من ذلك وَأَولَى، ولذلك قال النّبيُّ -صلّى الله عليه وسلم-: "إنها صَفيَّة بنت حُيَيٍّ، وَإِنِّي خَشِيتُ أنّ يَقذِفَ الشَّيطانُ في قُلُوبِكم شَيئًا فَيهلكَ مَنْ هَلَكَ" (٥) فكلُّ منِ اتَّهم النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم -


(١) في الموطَّأ (٢١٦٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٨٩٩)، وسويد (٢٧٨)، ومحمد بن الحسن (٨٣٥)، وانظر تعليق بشار عواد معروف على موطَّأ يحيى.
يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٧/ ٤٠٧ "لا أعلم هذا الحديث في سيل مهزور ومذينب هكذا يتّصل عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - من وجهٍ من الوجوه" وقال في موضع آخر: ١٧/ ٤١٠ "حديث سيل مهزور ومذينب حديث مدنيٌّ مشهورٌ عند أهل المدينة، مُسْتَعْمَلٌ عندهم، معروف معمول به" وقال عنه المؤلِّف في العارضة: ٦/ ١١٩ " [هو] مقطوع غير أنّه مُتَّفَقٌ عليه".
(٢) انظره في القبس: ٣/ ٩٢٥ - ٩٢٦.
(٣) أخرجه البخاريُّ (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) من حديث عبد الله بن الزبير.
(٤) النِّساء: ٦٥.
(٥) أخرجه البخاريّ (٢٠٣٥)، ومسلم (٢١٧٥) من حديث صفية بنت حُيَيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>