للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: هانت علىَّ فزهدت فيها. وكذلك سائر الأقوال لم يخرجوا (١) عن المعنى، وإنّما أخطؤوا في تسميتهم إياه، فسماه بعضهم باسم الزّهد، أو المعين عليه، أو المعبّر عنه.

مسألة:

قال علماؤنا (٢): إنّما الزّهد في الدّنيا وزينتها نافلةٌ مستحبَّةٌ، لا فريضة يستوجب الزّاهدُ بها رضي الله ورفع الدّرجات في جنّة المَأْوَى، وإن كانت الواجبات كلّها لا تكون إلاّ بالزّهد، فلا يسمَّى شيءٌ منها زهدًا، وقد اختصّت من الأسماء بما هو أليق بها من الزّهد، ألا ترى أنّ الإيمان لا يكون إلاّ بالزّهد في كل معبود سواه، والصّلاة لا تكون إلاّ بالزّهد في الاشتغال بما يصدّ عنها ويمنع منها، وكذلك سائر الفرائض والطّاعات.

الطريق الرابع (٣): في أسباب الزّهد وما يتعلق به من المعاني

وهي مختلفة الوجوه، وهي ستّة أشياء: الزّهد، والزّاهد، والمزهود فيه، والمُزَهَّد في الدّنيا، والمزهود من أجله، والسّبب الباعث على الزّهد الذي عنه يكون الزّهد، والمزهود له.

تفصيل ذلك:

فأمّا الزّهد في الدّنيا، فهو الإصغار لجملتها والاحتقار لجميع شأنها، لتصغير الله

لها ولتحقيره إيّاها في غير ما آيةٍ من كتاب الله، مثل قوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ


(١) أي لم يخرج قائلوها.
(٢) المراد هو الإمام ابن رشد الجد في المقدّمات: ٣/ ٣٩٦.
(٣) هذا الطريق مقتبس من المقدمات الممهدات: ٣/ ٣٩٦ - ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>