للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} (١)، ومثل قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} (٢)، ومثل قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية، إلى قوله: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٣)، وغير ذلك من الآيات يطولُ ذِكْرُها.

وأمّا الزّاهد، فهو الّذي استصغر الدّنيا وأصرف قلبه عنها، وأقبل على الآخرة بالكُلَّيَّة، فتركها لِصِغَرِ قَدْرِها عنده، فلا يفرح بشيءٍ من الدّنيا، ولا يحزن على فقد شيءٍ منها، ولا يأخذ منها إلّا ما أُمِرَ بأَخْذِه، أو ما يُعِينُه على طاعة الله، ويكون قَلْبُه دائم الذّكر لله وذكر الآخرة. والتّفَكُّر فيما يؤولُ أَمْرُهُ إليه من شقاوة أو سعادة.

وأمّا المزهود فيه، فهي الدّنيا الّتي هي ما حَوَاهُ اللّيل والنّهار، والاحتقار لجميعها وزينتها.

وأمّا المزهود من أجله الباعث على الزّهد الّذي عنه يكون الزّهد، فخمسة أشياء:

أحدها: أنّها مفتنةٌ مشغلة للقلوب عن التفكّر في أمر الله.

والثّاني: أنّها تنقص عند الله درجات مَنْ رَكَنَ إليها.

والثّالث: أنّ تركها قربة من الله وعلوّ مرتبته عنده في درجاتها من الجنّة.

والرّابع: طولُ الحشر والوقوف في القيامة للحساب والسّؤال عن شكر النِّعَمِ. فهذا إذا فكّر فيه العبد زهد في الدّنيا.

الخامس: رضوان الله والأمن من سخطه، وهو أكبرها، قال الله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٤).


(١) النِّساء: ٧٧.
(٢) لقمان: ٣٣.
(٣) يونس: ٢٤ - ٢٥.
(٤) التوبة: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>