للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا غيرها فيتركّب على هذا النوع.

وأمّا المزهود له، فهو الله سبحانه الّذي رفض الزّاهد الدّنيا من أجله، ابتغاء مرضات الله وخوفًا من عقابه (١).

ولهذه الوجوه والتقسيمات أَمْرٌ يطولُ الكتابُ به، وقد فَرَّغْنَا منه في القسم الرّابع في "سراج المريدين" فَلْينْظَرْ هنالك، فهذا ما حضرنا في هذه العجالة في حديث عيسى بن مريم وزهده صلوات الله عليه.

حديث مالك (٢)؛ أنّه بَلَغَهُ أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - دخل المسجدَ، فوجدَ فيه أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ وعمرَ بن الخطّاب، فَسَألُهُما، فقالا: أَخْرَجَنَا الجوعُ، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: وأنا أخرجَنِي الجوعُ، فذهبوا إلى أبي الهَيْثَم بنِ التَّيِّهَانِ الأنصاريّ، فأَمَرَ لهم بشَعِيرٍ عنده يُعْمَلُ، وقَامَ يذبح لهم شاةً، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - نَكِّبْ عن ذات الدَّرِّ فذبحَ لهم شاةً، واستعذب لهم ماءً، فعُلِّقَ في نخلةٍ، ثمّ أُتُوا بذلك الطّعام فأكلوا منه، وشربوا من ذلك الماء، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: لَتُسْئَلُنَّ عن نعيم هذا اليَوْمِ.

الإسناد (٣):

قال الإمام: هذا الحديث قد يُسْنَدُ من طرقٍ كثيرةٍ أمثلها عن أبي هريرة، قال: خرجَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - في ساعةٍ لا يخرُجُ فيها، فأتاهُ أبو بكرٍ، فقال عليه السّلام: ما أَخْرَجَكَ يا أبا بكرٍ؟ قال: خرجتُ للقاءِ رسول الله والنَّظَرِ في وجهه. قال: فلم يلبثْ أنّ جاء عمرُ، فقال: ما أخرَجَكَ يا عمرُ؟ قال: الجوعُ، قال: وأنا أجدُ بعضَ الّذي تَجِدُ، انطلِقُوا بنا إلى أبي الهَيْثَم بنِ التَّيِّهانِ، وكان كثيرَ النَّخْلِ والشَّاءِ، ولم يكن له خَدَمٌ، فأَتَوْهُ فلم يجِدُوهُ، ووجدوا امرأتَهُ، فقالوا: أين ذهَبَ صاحِبُكِ؟ فقالت: ذهب يستعذبُ لنا


(١) هنا ينتهي النقل من المقدِّمات.
(٢) في الموطَّأ (٢٦٩٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٥٧)، وسويد (٧٠٤).
(٣) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٣٢٥ - ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>