للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماءَ من قناةِ بني فلانٍ، فلم يلبث أنّ جاءَ، فلمّا رأى رسول الله، جعل يَلْتَزِمُه ويفْدِيهِ بأبيه وأُمّه، فانطلق بهم إلى ظلٍّ وبَسَطَ لهم بساطًا، ثمّ انطلقَ إلى نخلةٍ، فجاء بِقِنْوٍ

فوضَعَهُ بين أيديهم، فقال رسولُ الله: ألَا تَنَقَّيْتَ لنا من رُطَبه؟ فقال: أردتُ أنّ تتخيَّرُوا من رُطَبِه وبُسْرِهِ، فأكلوا ثمّ شرِبُوا من الماءِ، فلمّا فرَغُوا، قال رسولُ الله: "هذا والّذي نفسي بيده من النّعيم الّذي أنتم مسؤولون عنه، هذا ظلٌّ باردٌ، والرُّطَبُ الباردُ، عليه الماءُ الباردُ"، ثمّ انطلق يصنَعُ لهم طعامًا، فقال رسولُ الله: "لا تَذْبَحْ ذاتَ دَرٍّ" قال: فذَبَح لهم عَنَاقًا، فأكلوا، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "هل لكَ من خادِمٍ؟ " قال: لا، قال: "فإذا أتانا شيءٌ - أو قال سَبْىٌ- فَأتِنَا"، قال: فجاء رسولَ الله رَأْسَانِ ليس لهما ثالثٌ، فأتاه أبو الهَيْثَمِ، فقال له رسولُ الله: "خذ أحدَهُما"، فقال: يا رسولَ الله، اختر لي. فقال رسولُ الله: "المستشارُ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هذا، فإنِّي رأيتُه يصلّي، واستوصِ به معروفًا". فأتَى به امرأتَهُ، فحدَّثها بحديثِ رسول الله، فقالت: ما أنت ببالغٍ ما قال رسولُ الله فيه حتّى تَعْتِقَهُ، قال: هو عَتِيقٌ، فقال رسولُ الله: إنَّ الله لم يبعَثْ نبيًّا ولا خليفةً إلّا وله بِطانَتَانِ؛ بِطانةٌ تأمُرُهُ بالمعروف وتنهاه عن المنكرِ، وبطانةٌ لا تَأْلُوهُ خَبَالًا، ومن يُوقَ بِطانةَ الشَّرِّ فقد وُقِيَ (١).

قال الإمام: هذا هو الحديث الطّويل عن أبي هريرة الصّحيح.

عربيّة:

أبو الهيثم اسمه مالك، وهو من الأنصار (٢).


(١) أخرجه أحمد: ٢/ ٢٣٧، ٢٨٩، والبخاري في الأدب المفرد (٢٥٦)، والترمذي (٢٣٦٩) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، وابن ماجه (٣٧٤٥)، والنسائي: ٧/ ١٥٨، والحاكم: ٤/ ١٣١، والبيهقي: ١٠/ ١١٢، وفي الشعب (٤٦٠٤)، وابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ٣٢٥، والتمهيد: ٢٤/ ٣٤١.
(٢) انظر كتاب الاستغنا في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى: ١/ ٣٤٥ (٣٣٦)، والاستيعاب: ٤/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>