للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بفتح التاء (١)، فمعناه: أنّ الّذي أُمِرْتَ به البارحةَ من الصّلاةِ مُجَمَلًا، هذا تفسيرُه اليومَ مُفَصَّلًا، وهو الأقوى في الرِّوايتين. وبهذا يتبيَّنُ بُطلانُ قولِ من يقولُ: إنّ في صلاة جبريلَ -عليه السلام- جوازَ صلاةِ المُعَلِّمِ بالمتعلِّمِ، أو المُفْتَرِضِ خلْفَ المُتَنَفِّلِ، والكلامُ معهم على هذه المسألة مُشْكِلٌ جدًّا.

[حديث]

قوله (٢): وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ في حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ.

قال الإمام: إنّما أدخل مالك - رضي الله عنه - هذا الحديث وقَصَدَ به تبيين تعجيل صلاة العصر، وذلك (٣) إنَّما يكونُ مع قِصَرِ الحيطانِ، وإنما أراد عُرْوَةُ بذلك ليُعْلِمَ عمرَ ابنَ عبدِ العزيزِ، عن عائشة. أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي العصرَ قبل الوقت الّذي أخَّرها عمرُ إليه، وفيه للعلماء ثلاثة ألفاظ:

اللّفظ الأول: قولُه: "قَبْلَ أنّ تَظهَر".

قيل معناه: قبل أنّ يظهرَ الظِّلُ على الجِدِار، يريدُ: قبل أنّ يرتفعَ ظلُّ حُجرتها على جِدَارها (٢)، وكلُّ شيءٍ علا شيئًا فقد ظهر، قال الله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} الآية (٤)، أي يعلوه.


(١) قال المؤلِّف في العارضة: ١/ ٢٥٩ "وقد روِّينا في حديث مالك. رضي الله عنه. من قول جبريل - صلى الله عليه وسلم -:. "بهذا أمرتَ، برفع التاء ونصبها" وهي رواية ابن وضّاح، كما نصَّ على ذلك الباجي في المنتقى: ١/ ٥، وانظر مكلات الموطأ: ٣٥، وتعليق أبي الوليد الوقّشي على الموطأ: الورقة ١/ ٦.
(٢) أي قول عُروة في حديث الموطأ (٢) رواية يحيى، وهو حديث موصول بالحديث الّذي قبله، ورواه عن مالك: محمَّد بن الحسن (٣)، وابن القاسم (٤٥)، والقعنبي (٥)، وسويد (١)، والزهري (٢).
(٣) من هنا إلى آخر الكلام على هذا الحديث مقتبس من الاستذكار: ١/ ٤٦ - ٤٧ (ط. القاهرة)، وانظر التمهيد: ٨/ ٩٧.
(٤) الكهف: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>