للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اتفق العلّماءُ عن بَكرَةِ أبيهِم أنّ المرادَ به سكر الخمر، إِلَّا الضّحاك فإنّه قال: من النّوم (١).

المقدِّمة الثّانية

أجمعَ (٢) العلّماءُ على أنّ الخمرَ محرَّمةٌ في كتابِ الله تعالى، إِلَّا أنّهم اختلفوا هل هي محرَّمةٌ بالنص أو بدليل؟ والصّحيحُ أنّها محرَّمةٌ بالنص؛ لأنّ المُحرَّم هو المنهيّ عنه الّذي تَوَعَّدَ الله به عبادَهُ على استباحته، وقد نهى عنها في كتابه وأمر بِاْجتِنَابِهَا، وتوَعَّدَ (٤) اللهُ عليها عِبَادَه، وقد قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إِن اللهَ حَرَّمَهَا" (٣).

وأجمعت الأُمةُ على تحريمِهَا، فتحريمُهَا معلومٌ من دِينِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - ضرورةً. فمن قال: إنَّ الخمرَ ليست بحرامٍ فقد كَفَرَ، وهو كافرٌ بإِجماعٍ، يستتَابُ كما يُسْتتابُ المرتدُّ، فإنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ.

وشُزبُ الخمر من أعظَيم الكبائرِ، والآثارُ الواردةُ في التَّشديدِ في شُربِ الخمرِ

كثيرةٌ، وقد أكثر النَّاسُ من ذِكرِهَا، *وأكثرها ليست بصحيحة، وأمثلها ما أوَردناه في

"الكتاب الكبير في الوعظ والعلوم" فلينظر هنالك، فلا معنى للأطناب فيها" (٤).

وقال علماؤنا (٥): والخمرُ ما أَسكر وخامرَ العقلَ، قال رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمرٌ، وَكُلُّ خَمرٍ حَرَامٌ" (٦)، وكلُّ ما أسكرَ من جميعِ الأشرِبَةِ فقليلُه حرامٌ وكثيرُه


(١) رواه الطّبريّ في تفسيره: ٥/ ٩٦
(٢) من هنا إلى قوله: "نجست بذلك وحرمت" مقتبسٌ من المقدِّمات الممهِّدات: ١/ ٤٤٠ - ٤٤٣، وانظر الباقي في القبس: ٢/ ٦٥٥ - ٦٥٤.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ الشّافعيّ في سننه: ٢/ ٢٨٣ من طريق مالك، كما أخرجه أبو يعلى (٢٥٩٠)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة: ١/ ٨٨.
وأخرجه بلفظ: " إن الّذي حرَّم شُربَها حرّم بيعها" مالك في الموطَّأ (٢٤٥٤) رواية يحيى، ومن طريقه جماعة من الحفاظ.
(٤) ما بين النجمتين من إضافات المؤلِّف على نصّ ابن رشد.
(٥) المقصود هو الإمام ابن رشد.
(٦) أخرجه مسلم (٢٠٠٣) من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>