للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهّى قبله أو بعده فسقط.

التّاسعة (١):

يحتملُ أنّ يكون النّهيُ تحريمًا أو تأديبًا أو نادرًا، وحديث الجواز لا احتمال فيه.

وقد قيل: إنَّ الجواز عُلِمَ من فِعْلِهِ والنّهيَ عُلِمَ من قوله، فتعارض القولُ والفعلُ، وهي مسألةٌ عظيمةٌ من أصول الفقه، فشَرِبَ قاعدًا تأَدُّبًا وعَلَّمَ جوازَه قائمًا، واللهُ أعلم.

والأصلُ (٢) فيه الإباحة حتّى يردَ النّهيُ من وجهٍ لا معارِضَ له، فإذا تعارضتِ الآثارُ سقطت، والأصلُ ثابتٌ (٣) حتّى يصحّ الأمر أو النّهي بلا مدفع فيه، ويقع التّرْجيح بين الجواز والمنع والفعل والقول.

السُّنَّة في الشُّرْب ومناولته عن اليمين

مالك (٤)، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِلَبَنٍ وَقدْ شِيبَ بِمَاءٍ (٥)، وَعنْ يَمِينِهِ أعْرابِىٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَربَ ثُمَّ أَعْطَى الأعْرَابِىَّ. وَقَالَ: "الَأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ".


(١) انظرها في العارضة: ٨/ ٧٥.
(٢) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٢٨١.
(٣) أي ثابت في الإباحة.
(٤) في الموطَّأ (٢٦٨٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٤٥)، وسويد (٧١٠)، وابن القاسم (٣)، ومحمد بن الحسن (٨٨٤)، والقعنبي عند الجوهري (١٢١)، ويحيى بن سعيد القطان عند أحمد: ٣/ ١١٣، وابن أبي أويس عند البخاريّ (٥٦١٩)، ويحيى بن سعيد النيسابوري عند مسلم (٢٠٢٩)، وقتيبة بن سعيد، ومَعْن عند التّرمذيّ (١٨٩٣)، وهشام ابن عمار عند ابن ماجه (٣٤٢٥)، وابن بكير عند أبي الشّيخ في أخلاق النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - (٧١٤).
(٥) بماء من البئر، كما في الموطَّأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>