للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخول الرَّجُل على المرأةِ الأجنبيّةِ ثابثٌ بالإجماعِ، متَّفَقٌ عليه بالإجماع، فالتّحريمُ متَّفَقٌ، والتّحليلُ مُتَيَقّنٌ، وحديثُ سالم مُخْتَلَفٌ فيه، ولا يُترك متّفقٌ لمُخْتَلَفٍ فيه، ويُحْمَلُ حديثُ سالم على الخَصوصِ.

الفصل الثّاني في صفة الرّضاع

وفيه ستّ مسائل:

وقد قال مالك - رحمه الله (١) -: "كُلُّ مَا أَنْبَتَ اللّحْمَ وأَنْشَرَ العَظْمَ من رَضَاعَةِ الصَّغِيرِ يحرمُ، كَالْمَصَّة والمَصَّتَيْنِ".

فعُورِضَ بقولِ النَّبىِّ عليه السّلام: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ والإِمْلَاجَةُ وَالإِمْلَاجَتَانِ" (٢).

قال أبو عُبَيْد (٣): يعني: بالإمْلَاجَة المصّ، يقال: مَلَجَ الصّبىُّ إذا رَضَعَ أُمِّهُ مَلْجًا، ومَلِجَ يَمْلَجُ (٤)، وأَمْلَجَتِ المرأةُ صَبِيَّهَا. والإمْلَاجةُ: أنَّ يمصَّ ثديها (٥) مرّةً واحدةً.


= تمكن المحافظة في مقام الرّخصة ومقام ابتداء التّشريع؛ فإن للتّدريج في أوائل التشريع أحوالًا مختلفة، كلما رخّص لهانىء بن نيار أنّ تجزىء عنه الضّحية بالعناق النّبيّ ضَحَّى بها قبل أنّ يضحِّي رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -. وكان تعضيد الرّخصة بعمل، كتعضيد استشعار العجز عن الطّهارة المائية بالتيمُّم ... ألَّا ترى أنَّه لم يرخّص لسَهْلَة أنَّ يكون لسالم أحكام الأبناء كلّها، وإنّما اقتصرَ على أنَّه يدخل عليها وهي فُضُل. ولذلك لم يسمحْ أزواجُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لأحد أنّ يدخل عليهن بعد الحجاب بسبب رضاعة في الكِبَر، مع احتياجهنّ إلى مثل ذلك، ورَأيْنَ حُكْمَ سَهْلَة خصوصية كما في "الموطَّأ" وقد كان النِّساء يحتجن إلى مثل ما احتاجت إليه سَهْلَة، فلم يُؤْثَر أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - رخّص لاحد غير سهلة، مع توفُّر الدّواعي على سؤالهنّ الرّخصةَ منه؛ لأنّ النَّاس كلهم قد علموا أنَّ الرُّخصة لا يقاس عليها وأنّها يفوز بها السّابق، فلو تلاحق به النَّاس وألحقوا، لآلَ الأمرُ إلى إبطال الحكم. وكان ما رأته عائشةُ في ذلك شذوذًا لم يأخذ به أحد من الصّحابة سوى أبا موسى الأشعري أفتى به ثمّ خطَّأ نفسه حين راجعه عبد الله بن مسعود. ولم يكن ما فعلته عائشة إِلَّا بعد وفاة رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فلم يصحبه تقرير شرعي".
(١) بنحوه في الموطَّأ (١٧٧٢) رواية يحيى، من قول ابن المسيِّب. وهو المسألة الأولى.
(٢) سيأتي تخريجه صفحة ٦٨١ من هذا الجزء.
(٣) في غريب الحديث: ٣/ ٦٠ - ٦١، والظّاهر أنَّ المؤلِّف نقل كلام أبي عبيد بواسطة الهروي في الغريبين: ٥/ ٢٩٩ - ٣٠٠.
(٤) في غريب الحديث: "مَلِجَ يَمْلَجُ، وَمَلَجَ يَمْلُجُ".
(٥) في الغريبين: "أنَّ تمصّه لبنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>