للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الخامسة (١):

فهذا قلنا بتحريم الاصطياد فيه، فهل يجب فيه الجزاء؟

فالمشهور من مذهب مالك أنّه لا جزاء فيه، وقال عبد الوهّاب: إنَّ مقتضى المذهب (٢) أنّ الجزاء واجب فيه، وهو قول ابن أبي ذئب، وقول مالك أَوْلَى (٣) وأظهر؛ لأنّ المدينة لا تتعلّق الكفّارة بشيء من العمل المخصوص بها، فلذلك لم تتعلّق الكفّارة بقتل صيدها، ومكّة تتعلّق الكفّارة والفِدْيَة بالأعمال المختصّة بها، فلذلك تعلّقت الكفّارة بقتل الصَّيد بها، والله أعلم.

باب الحُكْم في الصَّيْد

قال القاضي: استشهد الإمام (٤) - رحمه الله - بالآية، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الآية (٥)، والكلام فيها في مآخذ أربعة:

المأخذُ الأوّل (٦): قوله تعالي: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ}.

فجعل القتلَ مُنَافِيًا للتَّذكية خارجًا عن حُكْمِ المذبوح للأكل. وقال علماؤنا: إذا قال الرَّجُل: للَّه علىّ أنّ أقتُلَ وَلَدي فهو عاصٍ، لا شيء عليه. وإذا قال: لله علىّ أنّ أذبحَ ولدي، فإنّه يفديه بشاةٍ.

المأخذُ الثّاني (٧): قوله: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ انتِقَامٍ}.

قال القاضي: هو عامٌّ في كلِّ صيدٍ كان مأكولًا غير مأكولٍ (٨)، بَيْدَ أنّ العلّماء


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٥٢.
(٢) في المنتقى: "مقتضى قول مالك" والذي وجدناه في الإشراف: ١/ ٥٠١ (ط. ابن طاهر) "فوجه قول مالك".
(٣) في المنتقى: "الأوّل" وهو سديد.
(٤) في الأصل: "القاضي" ولعلّ الصواب ما أثبتناه، والمقصود بالإمام هو الإمام مالك في الموطَّأ (١٠٢٣) رواية يحيى.
(٥) المائدة: ٩٥.
(٦) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٦٦٥.
(٧) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٦٦٦.
(٨) تتمّة العبارة كما في الأحكام: "سبعًا أو غيرَ سبع، ضارِبًا أو غير ضار، صائلًا أو ساكنًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>