للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرّابع في بيانِ ما تقعُ الحُرْمَةُ من الرَّضَاعِ

حديث:"لَا تُحْرَّمُ المَصَّةُ والْمَصَّتَانِ، والإِمْلَاجَةُ والإمْلَاجَتَانِ".

قال الإمام: حديثُ المَصَّةِ والمَصّتَينِ لم يُخرِجه البخاريّ وخرَّجَهُ مسلم (١) والنَّسائي (٢) والدّارقطني (٣) من روايةِ أُمِّ الفَضْلِ، بألفاظٍ متقاربةٍ، في بعضها: "لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ والمصّتانِ والإملاجةُ والإملاجتانِ"، ورواهُ ابنُ وهبٍ عن مالك بتحريم المصَّةِ والمصَّتينِ على ما وقع في "المدوّنة" (٤)، فوجبَ أنَّ يسقط لهذا الاختلاف، ولذلك لم يُخرجه البخاريّ واللهُ أعلمُ، وكذلك اضطربَ فيه ابن الزُّبير، فرواه عن عائشة ومرَّةً عن النَّبيِّ عليه السّلام، ومرّة عن أبيه، فَرَدَّهُ العلّماءُ من أجلِ هذا الاختلاف.

قال الإمام (٥): وهذا كلُّه لا حُجَّةَ فيه؛ لثُبُوتِ عبدٍ الله بنِ أبِي مليكة عليه، وهو إِمامٌ عظيمٌ أدركَ ثلاثبن من أصحاب النَّبيِّ عليه السّلام.

قولُه (٦): "مِنَ الرَّضَاعَةِ" قال ابنُ السِّكِّيت (٧) وغيرُه: فيه لغتان: كسرُ الرّاءِ وفتحُها، وكذلك الرّضاع يقال: رَضِعَ بفتح الضّاد وكسيرها, لغتان (٨)، وَرَضُعَ -بضم الضَّاد-: إذا كان لئيمًا فهو رَاضِعٌ، وجمعُه رُضَّع، ومنه قول سَلَمَة (٩):


(١) رواه مسلم مفرَّقًا، فرواه في (١٨/ ١٤٥١) بلفظ "لا تُحَرِّمُ الإملاجةُ والإملاجتان"، ورواه في الحديث (٢٠/ ١٤٥١) بلفظ: "لا تُحَرِّمُ الرضعةُ أو الرضعتان، أو المصَّةُ أو المصتان".
(٢) رواه النسائي في المجتبى: ٦/ ١٠٠، والكبرى (٥٤٥٤) من طريق قتادة وأيوب، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أم الفضل؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - سئل عن الرّضاع فقال: "لا تُحَرِّمُ الإملاجة ولا الإملاجتان" وقال قتادة: "المصّة والمصّتان".
(٣) في سننه: ٤/ ١٨٠ باللفظ السابق.
(٤) ٢/ ٢٨٨ في ما جاء في حرمة الرَّضاع.
(٥) انظر هذا القول في العارضة: ٥/ ٩٠.
(٦) أي قوله في حديث مسلم (١٤٤٩).
(٧) في إصلاح المنطق: ١٠٥، ١١١ عن الكسائي، والرَّاجح أنَّ المؤلِّف نقل كلام ابن السّكيت بواسطة المازري في المعلم: ٢/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٨) حكاه ابن السِّكِّيت في إصلاح المنطق: ٢١٣ عن الأصمعي.
(٩) هو الصّحابيّ الجيل سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - ورجزه أخرجه -ضمن حديث طويل- البخاريّ (٣٠٤١ - ٤١٩٤) ومسلم (١٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>