للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قلنا: إنَّ التَّحرِّي فيما يحرمُ فيه التّفاضلُ، فإنّ ذلك جائزٌ في يسيرِهِ دونَ كثيرِهِ؛ لأنّه يتعذَّرُ فيه التَّحرِّي وُيخَافُ فيه الغرر (١)، قاله ابن القاسم.

الرّابعة (٢):

وأمّا ما يجوزُ فيه التّفاضلُ من المطعوماتِ، فإنّه يجوزُ في قليلِهِ وكثيرِهِ، رواه ابن حبيب (٣). والفرقُ بينَهُ وبين ما يَجْرِي فيهِ الرِّبا، أنّه لا يُخَافُ فيه التّفاضلُ الّذي يحرُمُ فيما يجري فيه الرِّبا.

فصلٌ (٤)

فإذا ثَبَتَ التَّحرِّي، فقد جوّزهُ مالك في الخُبز بالخُبزِ، والبيض بالبيض، واللّحم باللّحْمِ. فأما الخبزُ بالخُبزِ، فالّذي قالَهُ أصحابُنَا أَنَّه يُتَحَرَّى ما فيه من الدَّقيقِ دون وَزنِ الخبز؛ لأنّ الخبزَ بعضُه أرطب من بعض (٥)، وهذا لا يكادُ يَصِحُّ على مذهبِ مالكِ، وإنّما يَصِحُّ على أصلِ ابنِ المَاجِشُون في اعتباره بالرُّطوبات الباقية في حال الادِّخار، ولذلك منع التّمر القديم بالحديث.

وأمّا مالك فإنّه عنده على ضربين:

أحدهما: ألَّا يؤكلَ المطعومُ مع الرُّطوبة الحادثة غالبًا، كالفُولِ المبلولِ، والقمحِ المبلول، والعجين، فإنّها تمنع صحّة التّساوي.

والثّاني: أنّ يُؤكلَ بوجودِهَا غالبًا، كرُطوبة الرُّطَبِ والعِنَب والخُبز، فإنّ ذلك يمنعُ من صحَّةِ التَّساوي، طارئة كانت أو أصليَّة، فعلى هذا يجوزُ الخبزُ بالخبزِ وَزنًا, ولا


(١) الّذي في المنتقي: " ... لأنّ كثيره يتعذّر فيه التّحرِّي ويخاف فيه الخطأ وقلّة الإصابة" وهو أسدّ.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ٢٤٥.
(٣) تتمّة الكلام كما هو في المنتقى: " ... ابن حبيب عمن يَرْضَى من أصحاب مالك".
(٤) هذا الفصل مقتبس من المنتقى: ٤/ ٢٤٥.
(٥) فلا تصحّ المماثلة فيه بالوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>