للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وافِرٌ، فقَلَّ العَدَدُ وذهب المالُ، فقال: "دَعُوهَا فَإنّها ذَمِيمَةٌ" فأمرهم بالخروجِ عنها لاعتقادهم ذلك فيها، وظنَّهُم أنّ الذهاب للمال والعدد إنّما كان منها، وليس كما ظنوا، ولكنّ البارئ جعل ذلك فيها وقتًا لظهور قضائه فيها (١).

وقوله: "ذَمِيمة" يعني مذمومة، يقول: دعوها وأنتم لها ذامُّون، كارهون لما وقع في نفوسهم؛ لأنّ إزاحة ما وقع في النّفوس عسيرٌ، فلذلك قال لهم: "دَعُوها فإنها ذَمِيمَةٌ" يريد: إذ وقع في نفوسكم منها ما لا يكاد أنّ يزول عنها.

وهذا عندي من معنى قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّما الطِّيَرَةُ على من. تَطَيَّرَ" (٢) أي على من اعتقدها وصحَّت في نفسه، لَزِمَتهُ ولم تكن تُخطِئهُ.

ولقد أحسن شاعرهم حيث قال (٣):

وَلَستُ أُبَالِي حِينَ أَغْدُو مُسَافِرَا ..... أَصَاحَ غُرَابٌ أَم تَعرَّضَ ثَعلَبُ

باب ما يُكْرَهُ من الأسماء

قال الإمام: الأحاديث في هذا الباب صحاح خَرَّجها الأيمة.

المعاني والفوائد المتعلِّقة بهذا الباب:

الفائدةُ الأولى (٤):

إمّا الأسماء المكروهة القبيحة الّتي يُستَبشَعُ ذِكرُها وسماعُها،* ويذكّر بما يُحذَر من معانيها، فاسمُ حَرْبٍ يذكر بما يحذَر من الحرب، وكذلك مُرّة*


=الله ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله ... الحديث. قال البخاريّ: "في إسناده نَظَرٌ"، وأخرجه أيضًا ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٦٩.
(١) تتمّة الكلام كما في العارضة "فبجهلِ الخِلقِ نسبوه إلى الجماد، واقتضت الحكمة الإلهيّة أنّ يأمرهم بالخروج عنها لوقوع تعلّق الفعلَ القبيح بها في نفوسهم، وهذا أمر مقضيّ أيضًا لا سبيل إلى ردِّه".
(٢) أخرجه ابن حبّان (٦١٢٣) من حديث أنس، بلفظ: "لا طِيَرَة، والطَّيَرةُ على من تَطَيَّرَ ... " وذكره ابن عبد البرّ في التّمهيد: ٩/ ٢٨٤.
(٣) أورده ابن عبد البرّ في بهجة المجالس: ٢/ ١٨٦، وأورد الباجي في سنن الصالحين: ١/ ٤٦٠ الشطر الثّاني منسوبًا للكميت.
(٤) ما عدا الوجه الثّالث فهو مقتبسٌ من المنتقى: ٧/ ٢٩٥ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>