للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليلُنا: قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "تُنْكحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدينِهَا، فَاظفَز بِذَاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ" (١).

ودليلُنا من جهةِ المعنى: أنَّ هذه زوجةٌ، فوجبَ أنّ يُعتبرَ في مَهْرِ مثلِهَا مَنْ كان على مِثلِ حالِهَا، وإن لم تكن مِنْ قومها، كالّتي لا عَشِيرةَ لها.

بابُ إرخاء السُّتورِ

الأصول (٢):

قال علماؤُنا: إرخاءُ السُّتور يُوجِبُ الصَّدَاقَ في حالةٍ، وهي ذِكرُهُ وتسميَتُه، وفي حالةِ استقرارِهِ وهي بالدُّخول؛ لأنَّ اللهَ تعالى عَلِمَ أنَّ الدُّخولَ سِرٌّ لا يُطَّلَعُ عليه، فنصب عليه علامةٌ من الخَلْوَةِ بالتَّمَكُنَّ من الاستيفاءِ، فقام ذلك مقام العِيَانِ فيه، لهذا المعنى وقَعتِ الإشارةُ بأنَّ عمرَ بنَ الخطابِ قَضَى في المرأَةِ إذا أُرْخِيَتِ السُّتورُ عليها فقد وجبَ الصَّدَاقُ.

وقد شرَطَ بعضُ العلّماءِ أنّ يكون ذلك في بَيْتِ البِنَاءِ؛ لأنَّ الخَلْوَةَ في غيره لم تُوضَع لهذا، فَرُبَّما وقعَ ورُبَّما لم يَقَعْ، والأصلُ العَدَمُ، فلا يتحقّقُ الوجودُ إِلَّا بيقينٍ، أو بظاهرٍ يدُلُّ عليه، وهذا هو اختيارُ سعيدِ بن المُسَيِّبِ.

وسوَّى سائرُ العلماء بين الأمرين؛ لأنّ الخَلْوَةَ في غيرِهِ لم تُوضَع له إذا وقعت، ولا وازعَ من الطَّبْعِ ولا من الشَّرْعِ، فالظَاهرُ وقوعُ الوطءِ، فَقُضِيَ به، وهذا بناءً


(١) أخرجه البخاريّ (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦) من حديث أبي هريرة.
(٢) انظره في القبس: ٢/ ٦٩٧ - ٦٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>