للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء في نكاح المتعة]

قال الإمام:

الأصول في مسائل:

المسألة الأولى (١): في تحريمه إجماعًا

ونكاحُ المُتْعَةِ من أغربِ ما وردَ في الشّريعةِ، ونُسِخَ، وكان مباحًا في صَدْر الإسلامِ، ثمَّ نَهَى النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - عنه يومَ خَيْبَرَ (٢)، ثمَّ أباحَهُ في غَزوَةِ حُنَينٍ، ثمَّ حرَّمَهُ بعد ذلك، فَتَدَاوَلَها النَّسخُ مرَّتينِ، وليس لها أختٌ في الشَّريعةِ إِلَّا مسألةَ القِبْلَةِ، فإنّ النَّسخَ طَرَأَ عليها مرَّتينِ، ثمَّ استقرّتْ بعدَ ذلك، فبيَّنَهُ مسلم من طريق الرَّبيعِ بنِ سَبْرَة الجُهَنِيَّ (٣)، فصارَ لا يجوزُ نكاحُ المُتعَةِ باتِّفاقٍ مِنَّا ومنهُمْ؛ لأنَّ الإجماع انْعَقَدَ بعدَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من الصَّحابةِ على ذلك.

لكن يُحْكَى (٤) أنّه مذهب ابن عبّاس وَحْدَهُ، ثمّ إنه سمع رجلًا ينشدُ في الحّجِّ بمَكَّة:

يا صاحِ هل لكَ في بيضاءَ نَاعِمَةٍ ... تَكونُ مَثْواكَ حَتَّى مَصدَرَ النَّاسِ (٥)

وُيرْوَى: يصدر النَّاس.


(١) انظر نتف من هذه المسألة في القبس: ٢/ ٧١٣ - ٣١٥.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٥٦٠) رواية يحيى.
(٣) الحديث (١٤٠٦) عن الربيع، عن أبيه؛ أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - نَهَى عن نكاح المتعة.
(٤) أخرج هذه الحكاية الفاكهي في أخبار مكّة: ٣/ ١٢ (١٧١٢)، والطبراني في الكبير (١٠٦٠١) والبيهقي: ٧/ ٢٠٥، والحازمي في الاعتبار: ١٤١، كما أوردها الهيثمي في المجمع: ٤/ ٢٦٥ وعزاها إلى الطبراني، وقال: "وفيه [أي في السند] الحجّاج بن أرطأة وهو ثقة ولكنه مُدَلَّس، وبقية رجاله رجال الصّحيح"، كما ذكرها ابن حجر في تلخيص الحبير: ٣/ ١٥٨ ورُوَّيها من كتاب "الغرر من الأخبار" لمحمد بن خلف القاضي المعروف بوكيع. كما أورد هذه الحكاية ابن قتيبة في عيون الأخبار: ٤/ ٩٥ وأورد البيت ولم ينسبه.
(٥) جاء في هامش "جـ" ما يلي: "الّذي أحفظه في ذلك:
قال المُحَدِّثُ لَمَّا طَالَ مَجْلِسُهُ ... يا صَاحِ هَلْ لَكَ في فَتْوَى ابن عَبَّاسِ
في بَضةٍ رَخْصةٍ بيضاءَ ناعِمَةٍ ... تكونُ مَثوَاكَ حَتَّى مصدَرَ النّاسِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>