للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ رجعَ عن ذلك وقال: إنّما كنتُ اعتقدْتُه رُخْصَةً منَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فإذَا النَّاسُ قد اتَّخَذُوهُ للفَاحشة، فأَشْهَدَ على نفسِهِ أنّه قد رَجَعَ عن ذلك (١)، فانعقدّ الإجماعُ على تحريمهَا (٢)، فإذا فعلَهَا أحدٌ يُرْجِم في مشهورِ المذهب.

وفي روايةٍ أُخرى عن مالك أنّه لا يُرْجم؛ ليس لأنّ نكاحَ المُتعَةِ ليسَ بحرام، ولكن لأصلٍ آخرَ لعلّمائنا غريبٍ انْفردوا به دون سائر علمائنا، وهو أنّ ما حُرِّم بالسُّنَّةِ هل هو مثل ما حُرِّمَ بالقرآن أم لا؟

فمِن راويةِ بعضِ المدنيِّينَ عن مالك، أَنّهما ليسا بسَوَاءٍ، وهذا ضعيفٌ، وقد بيَّناه في "أصول الفقه"، وقد حقَّقْنَا القولَ فيه أنّهما سواءٌ في العملِ كان افْتَرقَا في العِلْمِ.

وأمّا نكاح المُتعَةِ، فهو أكبرُ من ذلك كلِّه وأَقْوى منه، وإنّ تحريمَه ثبتَ بإجماعِ الأُمَّةِ، والإجماعُ أكثرُ من الخَبَرِ.

الفقه في خمس مسائل:

المسألة الأولى (٣):

قال علماؤنا (٤): المُتْعَةُ: هي النِّكاحُ المُؤَقَّتُ، مثل أنّ يتزوَّجَ امرأةً إلى شَهْرٍ أو


(١) روى الرجوع عن القول بالمتعة: التّرمذيّ (١١٢٢)، والطبراني في الكبير (١٠٧٨٢)، والبيهقي: ٧/ ٢٠٥، والحازمي في الاعتبار: ١٤٠. قال ابن حجر في تلخيص الحبير: ٣/ ١٥٨ "وفي إسناده موسى بن عبيدة الرّبذي وهو ضعيف".
(٢) حكى هذا الإجماع ابن القطان في الإقناع: ٣/ ١١٩٦ نقلًا عن الاستذكار، ويقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٦/ ٣٠٠ "اتفق أيمّةُ علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار, منهم: مالك وأصحابه من أهل المدينة، وسفيان، وأبو حنيفة من أهل الكوفة، والشّافعيّ ومن سلك سبيله من أهل الحديث والفقه والنظر، والليث بن سعد من أهل مصر ... والأوزاعيّ في أهل الشّام، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود، والطّبريّ، على تحريم نكاح المتحة لصحة نهي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عندهم عنها".
وانظر كلام المؤلَّف في المسألة في أحكام القرآن: ٣/ ١٣١١، والعارضة: ٥/ ٤٨.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٤) المقصود هو الإمام الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>