للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو حنيفة والشّافعي: لا تَرِثُه.

وقال المغيرة: إنَّ كان بَيِّنَ الملك فلم يقضه فامرأته تَرِثُه كالمطلِّق في المرض، وإن كان عديمًا فَطَرَأَ له مَالٌ لم يعلم به حتّى مات حَنِثَ ولا تَرِثُه.

قال سحنون: ولا أعرفُ هذا ولا أراهُ.

وقال أصحابنا: إنّها ترثُه بكلِّ حالٍ؛ لأنّه طلاقٌ.

ووجه قولِ المغيرة: أنّه لم يكن له مال علم به، فلم يقصد طلاقها، والله أعلم.

فصل (١)

قال الإمام أبو بكر بن العربي: هذه المسألةُ من المصالح الّتي انفردَ بها مالكٌ دونَ سائرِ العلّماءِ، فإنّه رَدَّ طلاقَ المريضِ عليه، تهمةٌ له في أنّ يكونَ قَصَدَ الفرارَ من الميراثِ، وخالَفَهُ سائرُ الفقهاءِ، والحقُّ له؛ لأنّ المصلحةَ أصلٌ، وَقَطْعُ الحقوقِ لا يُمَكَّنُ منها بالظُّنون، وقد طَلَّقَ عبدُ الرّحمن بن عَوف زوجه تُمَاضِرَ، فاتَّفَقَ عثمانُ وعلىٌّ على الميراث، وقضَى عثمانُ به، وهو قَوِيٌّ في بابِ المصلحةِ، فَأخبَرَ به مالك، وكان موتُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوف عن أربعِ زَوجَاتٍ، فصُولِحَت تُمَاضِرُ عن رُبعِ الثُّمُنِ بثمانين أَلفًا (٢).

ورأى أبو حنيفة (٣) توريثَ المطلَّقَةِ في المَرَضِ، ولكن إذا ماتَ وهي في العِدَّةِ، وهي سخافةٌ، وقد بيّنّاها في "مسائل الخلاف" وأوضحنا أنّ التُّهمَةَ لا ترتفعُ بانقضاءِ


(١) انظره في القبس: ٢/ ٧٤٩ - ٧٥٠.
(٢) انظر طبقات ابن سعد: ٣/ ١٣٦، والاستيعاب في معرفة الأصحاب: ٨/ ٨٤٧.
(٣) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٨٩٩، والمبسوط: ٦/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>