للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل من البلد، وإن كان غريبًا جاز، قاله مالك: في "المدوّنة" (١) وغيرها. ووجه ذلك: أنّ الغريبَ قد يكونَ مجهولَ الحالِ في البلد فلا يعرف عدالَتَهُ إِلَّا من يعرف الحاكم، فيحتاج أنّ يعرف به. وأمّا البَلَدِيّ فحاله معلومةٌ في الأغلب، فلا يقبل في تزكيته إِلَّا أهل العدل على ما وصفنا.

الفصل الثّالث (٢) في معنى العدالة

ومن لا يعرفه الحاكم (٣)؟ فقال سحنون: يُزَكِّيه من يعرف باطنه كما يعرف ظاهره

ممّن صَحِبَهُ الصُّحبة الطويلة، وعامَلَهُ بالأخذ والإعطاء.

وقال ابن سحنون (٤): يزكِّيه من يعرف باطنه وصَحِبَهُ في السَّفَر والحَضَر، كما يقال لمن مدَح رجلًا: أصحبته في السَّفَر؟ أخالَطتَهُ في مالٍ؟ وقد قيل (٥) في الرَّجل يصحب الرَّجل شهرًا فلا يعلم منه إِلَّا خيرًا: لا يزكِّيه بهذا (٦)، وليس هذا باختبار.

وقال يحيى عن ابن القاسم (٧) في الشّاهد لا يعرِفُه القاضي بعدالةٍ ولا فسادٍ، إِلَّا أنَّه يحضُرُ الصّلاةَ في المساجد، قال سحنون: يعرف بظاهر جميل من أهل المساجد


(١) انظر نحوه في المدوّنة: ٤/ ٣٧١ في شهادة الغرباء وتعديلهم.
(٢) القسم الأوّل من هذا الباب إلى مبحث "اطلاع في النظر" مقتبس من المنتقى: ٥/ ١٩٥.
(٣) تتمّة الكلام كما في المنتقي: "بهذه الصِّفَة يطلب فيه التَّزكية".
(٤) قاله عن أبيه كما نصّ على ذلك الباجي في المنتقي.
(٥) القائل هو الإمام مالك كما نصّ على ذلك الباجي في المنتقى.
(٦) تتمّة الكلام كما في المنتقى: " وهو كبعض من يجالسك ". وانظر منتخب الأحكام لابن أبي زمنين: ١/ ١١٤ - ١١٥.
(٧) انظر منتخب الأحكام لابن أبي زمنين: ١/ ١١٤ - ١١٥، والبيان والتحصيل: ١٠/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>