للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه على مقصد:

فإن قيل: فما الحكمةُ في أنّ الحسنات يُذهِبْنَ السَّيِّئات، ولا يذهبن السيئات الحسنات؟

الجواب- قيل: لأنّ النُّور يتعدَّى والظُّلمة لا تتعدَّى، والطَّاعة نورٌ والمعصية ظلمةٌ.

حديث مالكٌ (١)، عن زَيد بن أَسْلَم، عن عطاء بن يَسَارٍ، عن عبد الله الصُّنَابِحِىِّ؛ أنَّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إذا توضَّأَ العبدُ المؤمنُ، فتمَضْمَضَ، خرجتِ الخطايا مِنْ فِيهِ، وإذا استنثَر، خرجتِ الخطايا من أَنْفِهِ، فإذا غَسلَ وَجههُ خرجتِ الخطايا من وَجهِهِ ... " الحديث.

فيه فصلان:

الفصل الأوّل (٢) في الإسناد

قال التّرمذيُّ (٣): "سألتُ البخاريّ عن هذا الحديث فقال لي: وَهِمَ فيه مالك - رحمه الله - في قوله: عبد الله الصُّنابحىّ، وإنّما هو أبو عبد الله الصُّنابحىّ، واسمه عبد الرحمن بن عُسَيْلَة، ولم يسمع من النّبيِّ صلّى الله عليه شيئًا، والحديث مُرْسَلٌ".

قال أبو عمر (٤): "وهو كمال قال البخاريّ" (٥).

الفصل الثّاني (٦) في الكلام على تكفير الذّنوب

استدلَّ بعضُ العلماء بحديث الصُّنابحىّ هذا أنّه لا يجوز الوضوء بالماء المستعمل، وقال: خروجُ الخطايا مع الماء يُوجِبُ التَّنَزُّه عنه، وسماه بعضهم ماءَ الذّنوب.

قال الإمام الحافظ: وهذا لا وَجْهَ له عندي؛ لأنّ الذّنوب لا أشخاص لها عندي تمازج الماء فتفسده، وإنّما معنى قوله: "خرجتِ الخطايا مع الماءِ" فهو إعلامٌ بأن الوضوء للصلاة عَمَلٌ يكفِّر الله به السَّيِّئات عن عباده المؤمنين رحمةً منه.


(١) في الموطّأ (٦٦) رواية يحيى. وانظر تعليق بشار عواد معروف ففيه فوائد.
(٢) هذا الفصل مقتبس من الاستذكار: ١/ ٢٤٩ (ط. القاهرة).
(٣) في العلل الكبير: ٢١.
(٤) في الاستذكار: ١/ ٢٤٩ (ط. القاهرة)، وانظر التمهيد: ٤/ ٣٠.
(٥) انظر التاريخ الأوسط للبخاري: ١/ ٢٩٧ - ٣٠٠، والتعريف بمن ذكر في الموطَّأ لابن الحذاء: ٢/ ٣٩٤.
(٦) هذا الفصل مقتبس من الاستذكار: ١/ ٢٥٢ - ٢٥٤ (ط. القاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>