للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه وشرح:

اختلف الفقهاء -رضوان الله عليهم- في الوضوء بالماء المستعمل، وهو الّذي قد تُوُضِّىءَ به مرَّة.

فقال الشّافعيّ (١) وأبو حنيفة (٢) وأصحابه: لا يُتَوَضَّأ به، ومن توضَّأ به أعاد؛ لأنّه ليس بماء مُطلَقٍ، وعلى من لم يجد غيره التّيمُّم؛ لأنّه ماء الذّنوب، وقال بهذا القول أبن الفَرَجِ (-) والأوزاعي، وقد رَوَياهُ عن مالك.

قال الإمام (٣): وهذا الّذي حُكِيَ عن مالكٌ لا يوجَد في شيءٍ من كتب المالكيّة، وأراه نَقَلَهُ من كتاب "اختصار المدوّنة" (٤) لابن أبي زَيد، وقد وقع في بعض نُسَخِه (*) كذلك. والمشهور عنه أنّه لا يُجَوِّز التّيمُّم لمن وجد الماء المستعمل.

وروي عنه أيضًا أنّه قال: لا يتوضّأ به إذا وجدَ غيره من المياه ولا خير فيه، ثم قال: إذا لم يجد غيره توضّأَ به ولم يتيمّم؛ لأنّه ماء طاهرٌ لم يُغَيِّره شيءٌ (٥).

وقال أبو ثور وداود (٦): الوضوءُ بالماء المستعمل جائزٌ؛ لأنّه ماء طاهرٌ، إلَّا أنّ يضاف إليه شيء، وإذا لم يكن في أعضاء المتوضِّىء نجاسة، فهو طاهرٌ بإجماع.


(١) في الأم: ١/ ٥٢.
(٢) انظر مختصر الطحاوي: ١٦، والمبسوط: ١/ ٥٣.
(-) في النّسخ: "أبو الفرج، وهو تصحيف، والمثبت من الاستذكار، وابن الفرج هو أَصْبَغ بن سعيد، أبو عبد الله، من كبار فقهاء مصر، له تآليف منها: كتاب الأصول، وتفسير غريب الموطَّأ، والرّد على أهل الأهواء، توني سنة ٢٢٥. انظر طبقات الفقهاء للشيرازي: ١٥٣، وترتيب المدارك: ٤/ ١٧ - ٢٢.
(٣) هذه الفقرة من زيادات المؤلِّف على نصّ ابن عبد البرّ.
(٤) توجد من هذا الكتاب بعض الأجزاء، انظر فهرس مخطوطات خزانة القرويين للعابد الفاسي: ٢/ ٤٣٩، الأرقام: ٣٣٩، ٧٩٤، وتاريخ التراث العربي: ١/ ٣/ ١٥٢.
(٥) انظر المدونة: ١/ ٤، ويقول القاضي عياض في التنبيهات: المجلد الأوّل: لوحة ٢/ أ "وقول مالكٌ في الماء المستعمل: لا يتوضّأ به ولا خير فيه، حَمَلَهُ غير واحد من شيوخنا على أنّ ذلك مع وجود غيره". وانظر عيون الأدلة: لوحة ٦٤/ أ.
(٦) انظر رسالة في مسائل الإمام داود للشّطِّي: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>