للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -:"فَإنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ" (١) ولذلك زارَ قبر أمِّه آمنة في ألف مقنع (٢)، وهي كافرة؛ لأنّ الآخرة تذكِّر الكافر كما تذكِّر المؤمن، كلُّ أحد على صِفَتِهِ.

وإن كان قد أذن فيه، فهو مكروهٌ للنِّساء في الجملة، لما فيه، التَّبَرُّج، ألَّا تَرَى عائشة لمَّا قَدِمَتْ زارت قبرَ أخيها عبد الرّحمن.

وقال بعضُ العلّماء في قول أبي هريرة: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ زَوَّارَاتُ الْقُبُورِ" (٣) وهو حديث حسن صحيح (٤). فاختلف العلّماء فيه، هل دخل في النَّسخِ فأذِنَ للنّساء كما أَذِنَ للرِّجال؟ أم رخص للرِّجال وبقِيَ النِّساء على المَنْعِ؟

والصحيحُ عندي الإذْن لهُنَّ، وإن كان اختلف في كراهية الزِّيارة لهنّ.

النَّهيُ عن البُكاءِ على الميِّتِ

مالِك (٥)، عَن عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرِ بنِ عَتِيْكِ عن عَتِيْك بْنِ الْحَارِثِ، وَهوَ جَدُّ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بْنِ جَابِرِ، أَبُو أُمِّهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنِ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - جَاءَ يَعُودُ عبد اللهِ بنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاستَرْجَعَ رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - وَقَالَ: "غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أبا الرَّبِيعِ"، فَصَاحَ النِّسوَةُ وَبَكيْنَ .. إلى قول ابنته: وَاللهِ إنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، فَإِنَّكَ كنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جَهَازَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "إِن اللهَ قَد أَوْقَعَ أَجرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَتِّهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟ " قَالُوا: القَتْلُ في سَبيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "الشُهَدَاءُ سبعةٌ سِوَى الْقَتلِ في سَبِيلِ اللهِ: المَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُون شَهِيدٌ، وَالحَرِيقُ (٦) شَهِيدٌ، وَالذي يَمُوتُ تَحتَ الهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالمَرأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ".


(١) أخرجه بهذا اللفظ التّرمذيّ (١٠٥٤) من حديث بُرَيْدَة.
(٢) أخرجه ابن حبّان في المجروحين ٢/ ٣١٣، وابن عدي في الضعفاء: ٧/ ٢٣٦، والحاكم: ١/ ٥٣١ (ط. عطا) وصححه، والبيهقي في الشعب (٩٢٩٠) من حديث بُرَيْدَة.
(٣) أخرجه الطيالسي (٢٣٥٨)، وأحمد: ٢/ ٣٣٧، وابن ماجه (١٥٧٦)، والترمذي (١٠٥٦) من حديث أبي هريرة.
(٤) هذا الحكم هو للإمام التّرمذيّ.
(٥) في الموطّأ (٦٢٩) رواية يحيى.
(٦) في الموطّأ (الحَرِقُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>