للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا (١): قد يحتمل أنّ يكون نهى عن الكَىِّ في أمر ما، أو في علَّةٍ ما، ونهَى عنه نهيَ أدبٍ وإرشاد إلى التّوكُّل على الله والثِّقة به، فلا شافِيَ سواهُ، ولا شيءَ إِلَّا ما شاءَهُ. وقد اكتوى جماعةٌ من الصّحابة والسَّلَفِ الصّالح، قال قَيْسُ بن أبي حازِمٍ: دخلنا على خَبَّابٍ نعودُهُ وقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا في بَطْنِهِ (٢).

وقال قَيْس أيضًا عن جَرِيرٍ: أَقْسَمَ عَلَىَّ عُمَرُ لأكْتَوِيَنَّ (٣).

واكتوى ابن عمر (٤) واسترقى.

وكَوَى أبو طلحة أنسًا من اللَّقْوَةِ (٥).

وكَوَى ابنُ عمر ابْنًا له وهو مُحْرِمٌ (٦). ولا يكون ذلك إِلَّا آخر الطِّبِّ والعلّاج، ويقتضي ذلك الإباحة من فعل السّلف، والله أعلم.

وأمّا اعتراضهم على الرَّقْيِ، وقولهم: إنّه لا يؤثّر، إِلَّا أنَّه تستريح النّفس إلى ذلك.

قلنا: بل ذلك لطمأنينة النّفس وطرد الشّيطان أو السّحر، قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (٧) والاقتداءُ بالنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في الرَّقْيِ بالمعوذتين، ولا يجوز شيءٌ من الرُّقى إِلَّا بما في كتاب الله من التّعوُّذ وتهليل القرآن والفاتحة الّتي هي أصل في هذا الباب، والله أعلمُ.

الغسلُ بالماءِ من الحُمَّى

وفي هذا الباب أحاديث:

الأوّل: حديثُ فاطمة بنت المُنْذِر؛ قولها: "كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يأمرُ أنّ نُبرِدَهَا


(١) من هنا إلى آخر قوله: "وكوى ابن عمر ابنا له وهو محرم" مُقتبس من الاستذكار: ٢٧/ ٤٣ - ٤٥.
(٢) أخرجه البخاريّ (٥٦٧٢، ٦٣٥٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٦٠٩).
(٤) أخرجه الأزدي في الجامع (١٩٧٧٤).
(٥) اللّقوةُ مرض يعرض للوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدْق. انظر التوقيف على مهمات التعاريف: ٦٢٥. والأثر أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٦١١).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٦٢٠) من حديث مجاهد.
(٧) الرعد: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>