للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملامح من منهج ابن العربيّ في كتابه "المسالك"

نَوَدُّ أن نُنَبِّه بادئ ذي بدءٍ إلى معضلة سبقت الإشارة إليها، وهي أنَّ كتاب "المسالك" تضمّن آراءا كثيرة في الفقه والأصول والحديث والكلام واللغة، ساقها ابن العربيّ غير معزُوَّةً إلى أحد ممن تقدُّمه، ولم نستطع أن نقطع بنسبتها إليه، لاحتمال نسبتها إلى غيره ممن سبقه، وقد أمكننا الله بتوفيقه أن نرُدَّ بعض هذه الآراء إلى أصحابها (١)، وبقي الكثير الَّذي لم نوفق إلى ردِّه، ولهذا فإنَّنا نعتقدُ أنَّ محاولة دراسة منهج ابن العربيّ وموارده في "المسالك" أمر في غاية العُسْرِ والصُّعوبة، ومحفوفٌ في ذات الوقت بكثير من المخاطر والمزالق، وهو الَّذي يقع لكثير من الباحثين الّذين يدرسون عَلَمًا من الأعلام، يحشُدون آراءه حشدًا, تبيينًا لمنهجه زعموا، دون فصْل بين ما قال وما حَكَى. وهو الأمر الَّذي حاولنا اجتنابه في عملنا؛ لأنَّ ابن العربيّ لم يُعْن في "المسالك" بعَزْوِ كل رأي إلى قائله، وربما كان ذلك منه خوفًا من الإملال والإطالة، ولا نظنُّ به إلَّا خيرًا، والأمرُ من قبلُ ومن بعدُ موكولٌ إلى ثقافة الدّارس والدّارسة ومحاولتهما التّعرُّف على مسار التأليف العربيّ، وإدراك العلائق بين الكتب: تأثرًّا أو نقدًا أو شرحًا أو اختصارًا أو تذييلًا. وهذا أمرٌ زاولناه - بحمد الله - فتوصَّلنا إلى


(١) وبخاصة آراء ابن عبد البرّ والباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>