للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّنْفُ الأوّل (١)

قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية (٢)، فَأَتى بلَفْظ الحَصْر.

فأمّا الفقراء، فاختلف العلّماء في ذلك على أقوال:

القول الأوّل - قيل: الفقيرُ السّائلُ الّذي يسأل النّاس، وبه قال مالكٌ في "كتاب ابن سحنون"، وقاله ابن عبّاس والزّهري، واختاره ابن شعبان.

القول الثّاني - قيل: الفقير هو المحتاجُ الزَّمِنُ، والمسكينُ هو المحتاجُ الصّحيح، قاله قتادة.

وقيل: الفقيرُ المسلمُ، والمسكينُ أهل الكتاب.

وقيل: الفقيرُ الّذي لا شيءَ له، والمسكينُ الّذي له الشىء اليسير، لقوله: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} الآية (٣).

وقيل: إنّه شيءٌ واحدٌ الفقير والمسكين.

وقيل: الفقراءُ المهاجرون، والمساكين الأعراب.

وقال (٤) الشّافعيُّ: الفقراءُ أسوءُ حالًا من المساكين، وبقولنا (٥) قال جماعة من أهل اللُّغة.

ومن جهة المعنى: أنَّ المسكينَ مأخوذٌ من السُّكون، والفقيرَ مأخوذٌ من كَسْرِ الفِقَارِ، والّذي يسكنُ ولا يتحرَّك أشدَّ ضعفًا من المكسور الفِقَار؛ لأنَّ ذلك يتحرّك.

وقال الأخْفَش: الفقيرُ مشتَّقٌ من قولهم: فقرت لهم فقرة من مالى، أي: أعطيتهم، فالفقيرُ على هذا هو الّذي له قطعة من مالٍ.


(١) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٩٦١.
(٢) التوبة: ٦٠.
(٣) الكهف: ٧٩.
(٤) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من المنتقى: ٢/ ١٥٢.
(٥) أي يقول مالك، وقد سبق لباجي ذكره في المنتقى، وهو: "فقال مالك: إنّ الفقير الّذي له البلغة من العيش لا تفوم به، والمسكين الّذي لا شيء له، فالمسكين أسوء حالًا من الفقير".

<<  <  ج: ص:  >  >>