للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو الفضلِ المَرَاغيُّ في حكايةٍ (١) طويلةِ، قال: عوَّلتُ على الخروج من بغدادَ بعدَ أَخذِي جملةً من العِلْم، فارتحلتُ ووقفتُ عند باب الحَلْبَةِ عند فَامِيٍّ أَبتاعُ منه زَادي، فجعل يقولُ لجَلِيسِهِ: أبا فلان، أَما سَمِعتَ العالِم الفلانيَّ يقولُ عنِ ابنِ عبّاسٍ أنّه يُجَوَّزُ الاستثناءَ غير متّصلٍ ولو بعدَ سنَةٍ؟ لقد فكَّرتُ في ذلك مذ سمعتُه إلى الآن، وشَغَلْت به بالي، ولو كان هذا صحيحًا ما قال اللهُ تعالى لأَيّوب عليه السّلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} الآية (٢)، فكان يقول له: قل إنَّ شاء الله، وبَرَزتَ، في يمينك.

فعجِبْتُ من تَهَدِّيه، ثمَّ قلتُ في نفسي: بَلَدٌ هذه عامَّتُه، لا ينبغي لأحدٍ أنّ يخرُجَ منه، فتركتُ الكِرَاءَ من الجَمَّالِ، وأخذتُ رَحْلِي وانصرَفتُ.

باب مالًا تجبُ فيه الكفّارة من الأَيْمَان

الأصول (٣):

شرَعَ اللهُ الكفّارةَ لمَن أغفلَ الاسْتثناءَ مَخرَجًا عن اليمينِ، وحَلًّا لِمَا عُقدَ به اليمينُ من معقودٍ مُعَظَّمٍ، إمّا أنّ يكون معَظَّمًا من جهةِ قَدْرِهِ الكريم، كالله وصفاته العليّة، وإمّا أنّ يكون مُعَظَّمًا من جهةِ مشقَّةِ الحَلْفِ على الحَالِفِ، مثلَ أنّ يقول: أنتِ طالقٌ إنَّ


(١) انظر هذه الحكاية في الأحكام: ٢/ ٦٤٧.
(٢) سورة ص: ٤٤.
(٣) انظرها في القبس: ٢/ ٦٧٠ - ٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>