للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُجالة. ولهذا الباب أحكامٌ وفروعٌ كثيرةٌ تتفرع عليه، أضربنا عنها لِئَلَّا يطول الكلام، والله الموفّق.

باب ما جاء في القَذف والنّفي والتّعريض والتّعزير

الأصول (١):

قال الإمام: لا خلافَ أنّ الله تعالى جعَلَ الأعراضَ ثُلُثَ الدِّينِ في أبواب المَنهِيَّاتِ، وصانَها بالتّغليظِ فيها رَجمًا في الفَرجِ، فإنّه من العِرضِ، وحدًّا في النَّسَبِ؛ لأنّه سببٌ من أسبابِ الأحكام، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية (٢)، فصانه تعالى بالحدِّ، وقَصَرَ به عن الزِّنَا، ليُبَيِّنَ تَفَاوُتَ المراتبِ في المعاصي والفحشاء.

والرِّمْيُ (١) الّذي يُوجِبُ الحدَّ: كلُّ ما عَادَ إلى الفَرجِ، وغيرُ ذلك ففيه الأدبُ من السَّبِّ والإذاية، إِلَّا أنّ الشّريعة ألحقت حُكمَ الولاءِ بِحُكم الفَرجِ في أن جعلتها قطعةً منه، لقوله - صلّى الله عليه وسلم - في الصّحيح: "الْوَلَاءُ لُحمَة كَلُحمةِ النَّسَبِ" (٣) فإذا وقع النّفيُ فيه، جَرَى الحدُّ عليه، إنزالًا له في تلك المنزلة. وزادَ مالكٌ - رحمه الله - على الفقهاء التّعريضَ (٤)، فجعلَ له حُكْمَ* التّصريح، فقال: لأنّه قول يُفْهَمُ منه القَذْفُ، فوجَبَ فيه* الحدُّ؛ لأن أصلَهُ التّصريحُ، لا سيّما والكنايةُ عند العرب أبلغُ في المُخَاطباتِ من التّصريحِ، وخالفَ في ذلك الشّافعيُّ (٥) وأبو حنيفةَ (٦)، وفي ذلك منهما عَجَبَانِ عظيمانِ:


(١) انظره في القبس: ٣/ ١٠١٨ - ١٠١٩.
(٢) النور: ٤.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) انظر المدوّنة: ٤/ ٣٩١ في التعريض بالقذف، وانظر ايضًا المعونة: ٣/ ١٤٠٧.
(٥) انظر الأشراف لابن المنذر: ٢/ ٦٩، والحاوي الكبير: ١٣/ ٢٦١.
(٦) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣١١، ومختصر الطحاوي: ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>