للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه على وَهَمٍ (١):

قال بعضُ علمائنا: الصّلاة على الميِّتِ فَرْضٌ، لقوله تعالى في المنافقين: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} الآية (٢)، فحرَّمَ اللهُ الصَّلاة على المنافقين، فوجب بذلك الصّلاة على المؤمنين، وهذه عثرةٌ لا لَعًا لها، ولوددتُ أنّ تُمْحَى من كُتُبِنَا (٣)، وكأنّه أشار على غفلةٍ إلى مسألة بديعة من أصول الفقه، وهي أنّ النّهيَ عن الشَّيءِ أمرٌ بضِدِّهِ، أو الأمر بالشيء نهيٌ عن ضدِّه، على الاختلاف والتّفصيل الّذي بيِّنَّاهُ في موضعه (٤)، وتلك المسألة صحيحةٌ مليحةٌ، وليست مسألته هذه منها؛ لأنّ الصّلاة على المنافقين ليست بضدِّ الصّلاة على المؤمنين، لا فِعلًا ولا قَوْلًا ولا تَركًا، ولو تفطَّنَ لهذا التّحقيق لما سقطَ في هذه العَثرَة (٥).

ولم يختلف العلّماء في أنّها صلاة، وإنّما اختلفوا في الوُضوءِ لها والقراءةِ فيها؟ فقال العلّماء بأجمعهم بالوضوء فيها، إلّا من شذَّ منهم فلا يرى الوضوء فيها، ويلزم من شرط الوُضوء أنّ يشترط القراءة ضرورة؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَا صَلاَةَ إِلَّا بِطَهُورٍ" (٦) وقال: "لَا صَلاَةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكتَابِ" (٧) على ما بيَّنَّاهُ في اختلافِ العلّماء في ذلك فيما تقدَّمَ شَرْحُه.

ما جاءَ في دَفْنِ الميِّتِ

تنبيهٌ على التّرجمة (٨):

قوله (٩): "دَفْن الْمَيِّت" الأصلُ فيه قولُه تعالى في ابْنَي آدم: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} الآية إلى قوله: {النَّادِمِينَ} (١٠).


(١) انظره في القبس: ٢/ ٤٤٤ - ٤٤٥.
(٢) التوبة: ٨٤. وانظر حكام القرآن: ٢/ ٩٩٢.
(٣) في القبس زيادة: "ولو بماء المقلة".
(٤) انظر المحصول في علم الأصول: ٢٧/ ب.
(٥) غ: " الأقوال" وفي القبس: "المغواة".
(٦) سبق تخريجه.
(٧) سبق تخريجه.
(٨) هذا التنبيه مقتبسٌ من المقدِّمات الممهِّدات: ١/ ٢٣٦ بتصرُّف يسير.
(٩) أي قول مالكٌ في ترجمة الباب (١٠) من كتاب الجنائز (٢) ١/ ٣١٦ رواية يحيى.
(١٠) المائدة: ٣٠ - ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>