للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائر الأعوام على ما هي عليه الآن.

والرِّوايةُ الثّانية: روى محمّد بن سحنون عن أبيه؛ أنَّه يصدَّق في ذلك.

توجيه (١):

وجهُ الرِّواية الأولى عن ابن القاسم؛ أنّ هذا قد ظهر كَذِبُه وتَبَيَّنَ فِرَارُهُ عن (٢) الزَّكاة، فلم (٣) يعتبر بقوله.

ووجه الرَّواية الثّانية من قول ابن سحنون: أنّ الزّكاة لا تجب عليه إلَّا بإقراره أو بِبَيِّنَةٍ تثبتُ عليه، وليس فسقه (٤) بالّذي يمضي علية الدّعاوي دون بَيِّنَةٍ كالّذي عُرِفَ بجحد الأَمْوَالِ.

النّهيُ عن التَّضْيِيق على النّاس في الصَّدَقَة

ذكر مالك (٥) فيه حديث عائشة؛ أنّها قالت: مُرَّ على (٦) عمر بْن الخَطَّاب بِغنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الشَاةُ؟ فَقَالُوا: شَاةٌ مِنَ الصَّدقَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْطَى هَذ أَهْلُهُا وَهُمْ طائِعُونَ، لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ، لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ المُسْلِمِينَ، نكِّبُوا عَن الطَّعَامِ.

العربية (٧):

قوله: "حَافِلًا" يعني الّتِي قد حَفلَ ضَرْعها، أي: امْتَلأَ لَبَنًا، ومنه قيلَ: مجلسٌ حافلٌ ومحتفلٌ، وإنّما أخذت - والله أعلم- من غنم كانت كلّها لبونًا.

وأمّا "الحَزَرَات" فما يغلبُ على الظَّنِّ أنَّه خيرُ المالِ وخِيَارُه، وقال صاحب "العين" (٨): "الحَزَرات: خِيَارُ المالِ"، وقيل: الحزَرات كِرَامُ الأموال، وكذلك قال


(١) هذا التوجيه مقتبسٌ من المنتقى: ٢/ ١٤٧.
(٢) في المنتقى: "من".
(٣) غ، جـ: "ولم" والمثبت من المنتقى.
(٤) غ، جـ: "بشبه" والمثبت من المنتقى.
(٥) في الموطّأ (٧١٥) رواية يحيى.
(٦) "على" زيادة من الموطّأ.
(٧) كلامه لي العربية مقتبسٌ من الاستذكار: ٩/ ١٩٠ - ١٩٢.
(٨) ٣/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>