للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لمعاذ حين بَعَثَهُ إلى اليمن: "إيًاكَ وكرائم أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المَظْلُومِ" (١).

وقوله: "نكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ": فمأخوذٌ -والله أعلم- من قول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّما تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مواشِيهِم أَطْعِمَتَهُمْ" (٢)، فكأنّه قال: نكِّبُوا عن ذَاتِ الدَّرِّ، نكِّبُوا عن ذات اللَّبن، وخُذُوا الجَذَعَة والثَّنِيَّة.

وفيه فائدتان:

الفائدةُ الأولى:

فيه أنّ عمر - رحمه الله - كان شديد الإِشْفَاقِ على المسلمين، وكان كما قيل فيه: "كالطّير الحذر"، وهكذا يلزم الخلفاء أنّ يكونوا فيمن أمَّرُوهُ واستعملوه الحذر منهم والاطلاع في أعمالهم، وكان عمر - رحمه الله - إذا قيل له: لا تستعمل فلانًا، أو قيل له: ألَّا تستعمل أهل بدر، قال إذ يسهم (٣) بالولاية، على أنَّه قد استعمل منهم قومًا منهم سعد ومحمد بن مسلمة.

الفائدةُ الثّانية:

رُوِيَ عن حُذَيْفَة أنّه قال لعمر: ألَّا تستعملني، إنّك لتستعمل الرَّجُل الفاجر، فقال: أستعمله لأستعين بقُوَّتِه، ثمّ أكون بعد على قَفْوِهِ، يريد اسْتَقْضِي عليه، وأعرف ما يعمل به.

الفقه في تسع مسائل:

المسألة الأولى:

فيه الدّليل على أنّ الشّاة الحافل لا تُؤخَذ إلَّا على وجهها؛ لأنّه لم يأمر بردِّها، ووعظ وحذّر ليوقف على مذهبه وينتشر ذلك عنه بتطمين نفوس الرَّعِيَّة. قال مالك (٤): ولا يأخذ المصدق لَبُونًا، إلّا أنّ تكون الغَنَمُ كلُّها ذات لَبَنٍ، فيأخذ حينئذٍ لَبُونًا من وَسَطِها، ولا يأخذ حزرات النّاس.


(١) أخرجه البخاريّ (١٤٩٦)، ومسلم (١٩).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٢٦).
(٣) كذا.
(٤) من هنا إلى آخر المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٩/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>