للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمْرُ بالوِتْرِ

قال علماؤنا: الوِتْرُ عبادةٌ مؤَقَّتَهٌ، رَوَى مسلم (١)؛ أنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أوتر من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. ويعضده حديثُ مالكٌ (٢)، وذلك قوله: "فإذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصّبْحَ" دليلٌ على الخوفِ، بَيْدَ أنّ مالكًا قال: يجوزُ وإن طلعَ الفجرُ مالم يصلّ الصُّبح. وبالغ فيه حتىّ قال: تقطع به صلاة الصُّبح بدخوله فيها، فإن فعل بعد الفجر، فإنّما يكون على معنى القَضَاء، كما يفعل بركعتي الفجر بعد طلوع الشّمس وقبل صلاة الصُّبح على معنى القضاء، والأمرُ في ذلك قريبٌ.

نكتةٌ لغوية:

قوله في التّرجمة (٣): "الأمرُ بالوِتْرِ" فيه لغتان: بفتح الواو، وكسرها. والتّاءُ في اللُّغتين ساكنة، وأهل نجد يفتحونها، وأهل الحجازي يكسرونها. والوَتْرُ: الفَرْدُ الّذي لا ثاني له، والوِتْرُ -بكسر الواو- طلبك الدَّم.

إلحاق:

قوله في هذا الباب: "صَلاةُ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى" (٤) قد تقدّم الكلام عليه. اختلف العلماء أيُّهما أفضل في النّوافل، أَطُول القيام وإن قلّ الرّكوع والسّجود، أم الإكثار من الرّكوع والسجود وإن قصر القيام؟ فعلى قولين:

القول الأوّل - قيل: طُولُ القيام أفضل، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أفضلُ الصّلاةِ طُولُ القُنُوتِ" (٥).

القول الثّاني - قيل: بل الأفضل الإكثار منَ السُّجود وإن خَفَّ القيام، لحديث أم هانئ المذكور في صلاة الضُّحَى، ولقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أعِنِّي على ذلك بِكَثْرَة السُّجود" (٦).


(١) في الصّحيح (٧٤٤ - ٧٤٥) من حديث عائشة، وليس فيه لفظ المؤلِّف.
(٢) في الموطَّأ (٣١٩) رواية يحيى.
(٣) أي قول مالكٌ في ترجمة الباب (٧٣) من الموطَّأ: ١/ ١٨٠.
(٤) الحديث (٣١٩) رواية يحيى.
(٥) أخرجه مسلم (٧٥٦) من حديث جابر.
(٦) أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة (٨٣٥٣) من حديث أبي مصعب الأسلمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>