للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحِجَامَة" (١) حديث آخر. وفي حديث ابن عبّاس أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الشِّفَاءُ في ثلاثٍ: في شَربَةِ عَسَلٍ، أو شَرطَةِ مِحجَمٍ، أو كَيِّةٍ بِنَارٍ" (٢).

وقال علماؤنا (٣): الحِجَامةُ بالحجاز أنفع من الفَصدِ، والفَصدُ في هذه البلاد (٤) أنفع من الحجامة، وكلُّ ذلك في الجملة، وإلَّا فللفَصدِ موضعه وللحجامة موضعها.

وبالجملة؛ فإن الّذين ترجموا عن الأطبَّاء لم يجعلوا للحجامة قَدْرًا؛ لأنّهم رأوا ثناء النَّبىِّ -عليه السّلام- عليها، وقد أظهر اللهُ دينه وكلامه ورسوله ولو كَرِهَ المشركون.

ما جاء في المَشْرِقِ

فيه حديث ابن عمر (٥)؛ قال: رأيتُ رسولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - يشير إلى المشرق ويقولُ: "إنَّ الفِتْنَةَ ههنا، إنَّ الفِتنَةَ من حيثُ يَطلَعُ قَرنُ الشَّيطَانِ".

الإسناد:

قال الإمام: الحديث صحيح خرَّجه مسلم (٦).

المعاني والفوائد:

الفائدةُ الأولى (٧):

قوله: "وهو يُشِيرُ إلى المشرق ويقول: إنَّ الفتنة هاهنا" يريد -والله أعلم- هنالك معظمها وابتداؤها، أو يشير إلى فتنةٍ مخصوصةٍ يحذّر منها في المستقبل.

وكانت الفتنةُ الكبرى مفتاح فساد ذات البَيْن، وهي قتل عثمان رضي الله عنه، وهي


(١) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٣٤٨ عن سَمُرَة بن جندب.
(٢) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٣٤٨ - ٣٤٩، وهو في البخاريّ (٥٦٨٠).
(٣) انظره في العارضة: ٨/ ٢٠٦.
(٤) يقصدون بلاد الأندلس.
(٥) في الموطَّأ (٢٧٩٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (٢٠٥٤)، وسُوَيد (٧٤٦).
(٦) الحديث (٢٩٠٥)، وهو في البخاريّ (٣١٠٤).
(٧) ما عدا الفقرة الأولى المنقولة من المنتقي: ٧/ ٢٩٩ فالكل مُقتَبَسٌ من الاستذكار: ٢٧/ ٢٤٦ - ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>