للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتَجَمَ في وسَطِ رَأسِه (١).

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى:

تكلَّم العلماء في أجرته، فرُوِيَ أنّ ابن عبّاس كان ياكلها من خَرَاجِ غلمانه (٢). والدّليل على جواز أجرته: إعطاؤهُ رسول الله أجرته على عمله من غير شرطٍ، وإن (٣) رسول الله لا يعطي أحدًا ما لا يحلُّ كَسْبُه ويطيبُ أَكلُه، سواءٌ كان عِوَضًا من عمله أو غير عِوَضٍ، ولا يجوزُ في أخلاقه وسُنَّته وشريعته أنّ يعطيَ عِوَضًا على شيءٍ من الباطل.

الدّليل الثّاني: قولُه: "أَحفُوا الشَّوارِب وَأَعفُوا اللِّحي" (٤)، وقولُه: "مِن السُّنَّةِ قَصُّ الشَّارِبِ" (٥).

وهذا كلُّه يدلُّ على أنّ كسبَ الحجّام طيِّبٌ لا بأس به، وأن حديث أبي جُحيفَة عن النّبيّ؛ "أنّه نَهى عن ثَمَنِ الدِّم" (٦) ليس من كَسْبِ الحجّامِ في شيءٍ، وأنّه لا وجه لكراهية أبي جُحيفَة لكسب الحجّام من أجل ذلك. وقد بيَّنَّا ذلك في كتاب البيوع بأحسن وجهٍ.

الثّانية (٧):

قولُه - صلّى الله عليه وسلم إنَّ من أَمثَ-:"لِ ما تدَاوَيتم به الحِجَامَة" (٨) "ومن خير ما تَدَاوَيتم به


(١) أخرجه البخاريّ (٥٦٩٨) عن عبد الله بن بُخينَةَ.
(٢) روى التّرمذيّ (٢٠٥٣) بسنده عن عبّاد بن منصور، قال: "سمعتُ عِكرمةَ يقولُ: كان لابن عبّاسٍ غِلْمَةٌ ثلاثةٌ حَجَّامُون، فكان اثنانِ منهم يُغِلَّان عليه وعلى أهله ... " قال التّرمذيّ: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ"، قلنا: والحديث أخرجه: أحمد: ١/ ٣٥٤، وعبد بن حميد (٥٧٤)، وابن ماجه (٣٤٧٧).
(٣) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من الاستذكار: ٢٧/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٤) أخرجه بهذا اللّفظ مسلم (٢٥٩) عن ابن عمر، وانظر البخاريّ (٥٨٩٣).
(٥) أخرجه البخاريّ (٥٨٩٠) عن ابن عمر، بلفظ:" من الفطرة .... "
(٦) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٢٢٤ من طريق شعبة عن عون بن أبي جحيفة وقال ابن عبد البرّ: " وهذا حديث صحيح "، واصله في مُسْنَد ابن الجعد (٥١٤) برواية البغوي، والبخاري (٢٠٨٦)
(٧) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٢٤١.
(٨) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٣٤٨ عن أنس، وهو في البخاريّ (٥٦٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>