للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبيَّنَّا كيفيَّةَ خروج مسألةِ مالكِ على الأصل الجائزِ، وقلنا في بعض تأويلاته: إنَّما جَعَلَهُ رَسولًا وَوَاسِطَةً ولم يَجْعَلهُ بائعًا ولا مُبْتَاعًا (١).

[فصل]

وأمَّا "بَيْعٌ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أنَّ يَبدُوَ صَلَاحُهَا" فيأتي بيانُه إنَّ شاء الله (٢)، وكذلك "المُزَابَنَة" و "المُحَاقَلَة" و"المُخَابَرَة" و "الرُّطَبُ بالتَّمْرِ" و"الكَرْم بالزَّبِيبِ" و"بيعُ الطَّعامِ قبل أنّ يُسْتَوْفَى".

وأمّا"بَيْعٌ وَسَلَفٌ" فإنّما نَهَى عنه لتضادِّ العَقْدَينِ، فإنّ البَيْعَ مَبْنِيٌّ على المشاحَّة والمغابنة، والسَّلَفُ مَبْنِيٌّ على المعروفِ والمُكَارَمَةِ، وكلُّ عَقْدَينِ يتضادّان وصفًا لا يجوزُ أنّ يجتمِعَا شَرْعًا، فاتَّخِذُوا هذا أصلًا (٣).

وأمّا "التَّصْرِيَةُ" فاختلفَ العلّماءُ فيها:

فمنهم من جعلَهَا عَيْبًا، فتكونُ من أكلِ المالِ بالباطلِ.

ومنهم من جعلَهَا غِشًّا، وقد بيَّنَّا ذلك في "الخلاف".

وأمّا "ثَمَنُ الكَلْبِ" فلا يخلو أنّ يكون مأذونًا في اتِّخاذه، أو غيرَ مأذونٍ، والحديثُ مَحْمُولٌ على ما حَرُمَ اتِّخَاذُهُ. فأمّا ما يجوزُ اتِّخاذُهُ فبيعُهُ جائزٌ، وقد اختلفَ علماؤُنا في ذلك:

ومَنْ قال منهم: لا يجوز بيعه، قال: تَلْزَمُ القِيمَةُ لمن أَتْلَفَةُ، فبعيدٌ عن الصَّوابِ، والصّحيحُ جوازُ البَيْعِ فيه من غيرِ كلامٍ، وقد قَرَّرْنَا ذلك في كتابِ "الإنصاف لتكْمِلَةِ كتابِ


(١) الغريب أنَّ المؤلّف عدّ هذا القول في العارضة: ٥/ ٢٤١ فسادًا ظاهرًا.
(٢) انظر صفحة: ٧٢ من هذا الجزء. وانظر أيضًا العارضة: ٥/ ٢٣٣.
(٣) انظر العارضة: ٥/ ٢٤١. يقول البوني في تفسير الموطَّأ: ٩٣/ ب "قال أبو محمَّد الأصيلي: ليس يوجد في النّهي عن البيع والسلف حديث مُسْنَدٌ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - إِلَّا ما بلغ مالكًا عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عن بيع وسلفٍ. وقال ابن أبي زيد: ثبتت السُّنّة أنَّه نَهَى عن بيع وسلفٍ، ولم يذكر فيه حديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>