للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهين: إذا لم يتغير أحد أوصافه، وقال علماؤنا: من توضَّأ به وصلَّى أعادَ ما كان في الوقت استحبابًا، كمن تيمَّمَ على موضع نجسٍ. فإن تغيَّرَ أحد أوصاف هذا الماء عند مالك أعاد أبدًا.

الفصل الرّابع في الفوائد المنثورة

الفائدة الأولى:

قوله: "الحِلُّ مَيتَتُهُ".

قال القاضي أبو الوليد الباجي رضي الله عنه (١): "الحيوان جنسان: بحريٌّ وبرَّيٌّ، فأمَّا البحريٌّ فنوعان: نوعٌ لا تبقَى حياته في البِرِّ كالحُوتِ، ونوعٌ تبقَى حياتُه كالضُّفْدَعِ والسَّرَطَان والسُّلحفاة.

فأمّا الحوتُ، فإنّه طاهرٌ مباحٌ على أيِّ وجهٍ فاتت نَفْسُهُ، وبهذا قال مالكٌ والشّافعيّ، وقال أبو حنيفةَ: ما مات منه حتف أنفه فإنّه غيرُ مُباحٍ.

والدّليلُ على قولنا: قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الآية (٢)، قال عمر ابنُ الخطَّاب: صَيدُهُ ما صِدْتَهُ، وطَعامُه ما رَمَى به (٣).

وأمّا ما تدومُ حياتُه كالضُّفْدَعِ، فهو عند مالكٍ طاهرٌ حلالٌ لا يحتاجُ إلى ذكاته (٤)، وقال ابنُ نافعٍ: هو حرامٌ نجِسٌ إذا ماتَ حتف أنفه (٥) ".


(١) في المنتقى: ١/ ٦٠.
(٢) المائدة: ٩٦.
(٣) رواه البخاريّ تعليقًا: ٩/ ٦١٥ (من فتح الباري)، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق: ٤/ ٥٠٦.
(٤) ووجه قول مالك: أنّ هذا من دواب الماء، فلم يفتقر إلى ذكاة كالحوت.
(٥) ووجه قول ابن نافع: أنّه حيوان تبقى حياته في البرّ كالطّير.

<<  <  ج: ص:  >  >>