للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثّانية (١):

وأمّا حيوانُ البَرَّ، فعلى نوعين أيضًا: ما له نَفسٌ سائلةٌ، كالطَّير والفأرةِ والحَيَّةِ والوَزَغَةِ وشحمةِ الأرض، وزاد ابن القصّارِ (٢): والبراغيث، فإنّ ذلك كلّه يَنْجُسُ بالموتِ.

وقال سحنون في برغوث وقع في ثريد: لا بأس أنّ يُؤكَل.

وفي "كتاب ابن حبيب" (٣) عن مالك: ما ليس له لحمٌ ولا دَمٌ كالخُنْفُسَاءِ والنَّمْلِ (١) والدُّودِ والبَعُوض، وما أشبه ذلك، من احتاجَ شيئًا منه لدواءٍ ذَكَّاهُ بما يُذَكِّى به الجراد، فجعلَ البعوضَ من صنفِ ما ليس له دمٌ وفيه دمٌ ينتقلُ إليه. فعلى هذا لا يُرَاعَى في الدَّمِ إلَّا أنّ يكونَ من نَفسِ الحيوانِ، فيكونُ ممّا ليس له دَمٌ قولٌ واحدٌ أنّه لا يَنْجُسُ بالموتِ، وما له دمٌ قولٌ واحدٌ أنّه يَنْجُس بالموتِ. وما ليس له دمٌ وفيه دمٌ القولانِ: يَنْجُسُ على قول ابن القصَّار، ولا ينجس على قول سحنونٍ ومالكٍ. ويحتمل وجهًا آخر أنّ يكون البرغوث ينجس بالموت إذا كان فيه الدّم، ولا يَنْجُس إذا لم يكن فيه دم.

وأما فائدة المسألةِ، فسيأتي الكلامُ عليها، فلابُدّ من تحقيق الكلام في المياه.

تأصيلٌ وإلحاقٌ:

قول مالكٌ - رحمه الله - في هذا الباب: "هو الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ مَيتَتُهُ" ففي هذا للعلماء تسع عشرة مسألة:

المسألةُ الأولى:

قوله: "الطّهورُ ماؤه" فالماءُ الطّهور هو الّذي لم يتغيَّر أحد أوصافه الّتي هي اللّون والطعم والرائحة، أو أحدهما بما لا ينفكّ عنه غالبًا، أو بما ليس بقرار له ولا متولّد عنه.


(١) هذه الفاندة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٦٠ - ٦١.
(٢) انظر عيون المجالس للقاضي عبد الوهاب: ٢١٨ - ٢١٩.
(٣) وهو الواضحة: ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>